الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

47/06/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - ملاخطات ترتبط بأصل البراءة - أصالة البراءة - الأصول العملية.

 

الملاحظة الثانية:- إنَّ من أحد موارد الشك في الامتثال الذي يجري فيه الاشتغال هو الشك في المحصِّل، والمقصود من الشك في المحصِّل أن يكون الواجب أمراً بسيطاً إلا أنَّ المحصِّل لهذا الأمر الواجب البسيط هو أمرٌ مركَّب، فهنا قد يقال بالاشتغال دون البراءة.

ومثال ذلك الوضوء، فإذا شككنا في أنه هل يعتبر في الوضوء الغسل من فوق الزند بقليلٍ أو لا، أو شككنا أنَّ المسح على الرأس هل يعتبر فيه المسح بمقدار اصبعين أو ثلاثة أو يكفي المسح بإصبعٍ واحد، فهنا ما هو الأصل الجاري في المقام فهل يجري أصل الاشتغال أو يجري أصل البراءة، وهذا بقطع النظر عن الدليل الاجتهادي من آيةٍ أو رواية، ولا تقل: إنَّ الآية الكريمة تقول: ﴿ وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين ﴾ والمسح يصدق بالإصبع الواحد، بل لنفترض أنَّنا شككنا في أنَّ المسح يصدق بإصبع واحد واطلاق ( وامسحوا ) لا يمكن التمسك به ففي مثل هذه الحالة سوف نرجع إلى الأصل ولكن أيَّ أصل هو وماذا يقتضي بعد تعذَّر الدليل الاجتهادي؟

إنه في مثل هذه الحالة مرة نبني على أنَّ الواجب في باب الوضوء هو الطهارة وأما مسح الرأس وغسل اليدين هو محصِّل للطهارة، فالطهارة هي الواجب وأما الغسلات والمسحات فهي محصِّل لذلك الواجب، وأخرى نبني على أنَّ الواجب هو الغسلات والمسحات دون الطهارة.

فإن بنينا على الأول فحينئذٍ لابد من الاتيان بما يشك في اعتباره، لأنَّ الواجب هو المسبَّب - أي الطهارة - ونحن نشك أنَّ الطهارة هل تحصل من دون الاتيان بذلك الشيء المشكوك أو لا فحينئذٍ يجب الاتيان به حتى يحصل اليقين بحصول الواجب - وهو الطهارة - والاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، ولا يحصل الفراغ اليقيني إلا بالاتيان بالمشكوك فإنه آنذاك نتيقن بحصول الطهارة.

وإن بنينا على الثاني - كما قد يساعد عليه ظاهر الآية الكريمة التي تقول: ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا يرؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ﴾ فإنها لم تقل إذا قمتم إلى الصلاة فعليكم بتحصيل الطهارة بل قالت عليكم بغسل الوجه ثم اليدين ثم المسح، فإذا شككنا في اعبتار شي في الوضوء كالمضمضة فحينئذٍ نقول إنَّ الواجب هو الغسلات والمسحات - بمقتضى ظاهر الآية الكريمة - وقد أتينا بها وأما المضمضة فنحن نشك في اعتبارها - لأنَّ الآية الكريمة لم تذكرها - فتكون مجرى للبراءة.