بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/07/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ اللهو/ حکم اللهو

هنا أقوال:

القول الأوّل: الجواز في الأعراس و الختان علی کراهیّة [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7]

أقول: هو الحق؛ للأدلّة الآتیة.

قال الشیخ الطوسيّ (رحمه الله): «الضرب بالدفّ في الأعراس و الختان؛ فإنّه مكروه».[8] و في غير الختان و العرس فمحرّم». [9]

و قال (رحمه الله) في موضع آخر: «ضرب الدفّ إذا كان خالياً من غناء و فحش و لم يختلط الرجال بالنساء رخّص على كراهيّة فيه». [10]

و قال المحقّق الحلّيّ (رحمه الله): «يكره الدفّ في الإملاك[11] و الختان خاصّةً». [12]

و قال العلّامة الحلّيّ (رحمه الله): «لا بأس بالدفّ في الأعراس و الختان على كراهيّة. [13] و يحرم في غيرهما». [14]

و قال الشهید الأوّل (رحمه الله): «يفسّق اللاهي بالعود و الزمر و الطنبور و شبهه فاعلاً و مستمعاً. و كذا الدفّ بصنج و غيره إلّا في الأملاك و الختان، فيكره المجرّد عن الصنج[15] »، (إنتهی ملخّصاً). [16]

و قال المحقّق الثاني (رحمه الله): «إنّما يحرم من الملاهي ما لا يجوز مثله في العرس، فالدفّ الذي لا صنج فيه و لا جلاجل[17] له يجوز لعبها به على الظاهر؛ لاستثنائه». [18]

إشکال في القول الأوّل

قيل بجواز لعبها في العرس بالدفّ الذي لا صنج فيه و لا جلاجل و هو لا يخلو من إشكال، (إنتهی ملخّصاً). [19]

و قال السیّد الخوانساريّ (رحمه الله): «بعض المحرّمات دليل حرمته آبٍ عن التخصيص و لذا قيل فيما دلّ على جواز أكل المارّة من الثمرة: إنّه يستكشف أن يكون للمارّة حقّ من طرف الشارع جعله للمارّة؛ حفظاً لبقاء ما دلّ على حرمة أكل المال بالباطل على عمومه، ففي المقام لعلّ ما دلّ على حرمة ما ذكر من استعمال آلات اللهو آبٍ عن التخصيص، فلا يرفع اليد بملاحظة الخبر العامّي». [20]

أقول: إذا قلنا بجبر السند بالشهرة و الإجماع، فضعف السند منجبر علی المبنی و یصحّ الاستثناء و کونه آبیاً عن التخصیص لا وجه له و الاحتیاط خلاف الاحتیاط و القدماء في مثل هذه المسائل أعرف منّا قطعاً لقربهم (رحمهم الله) بالمعصومین (علیهم السلام).

و قال بعض الفقهاء (رحمه الله): «ما ذكره[21] (رحمه الله) من الاستثناء في الأملاك و الختان لا يمكن المساعدة عليه؛ فإنّه لا موجب لرفع اليد عن ما دلّ على حرمة كلّ من الاستعمال و الاستماع». [22]

أدلّة القول الأوّل

الدلیل الأوّل: الروایتان

الروایة الأولی: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ[23] وَ الْخَلِيلُ بْنُ عَمْرٍو[24] قَالَا: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ إِلْيَاسَ[25] ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ[26] ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ[27] ، عَنْ النَّبِيّ(ص) قَال: ‌«أَعْلِنُوا النِّكَاحَ‌ و اضْرِبُوا عليه‌ بالغِرْبال‌». [28]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [29]

قال الشیخ الطوسيّ (رحمه الله): «أي: الدف». [30]

و قال (رحمه الله) في موضع آخر تحت الروایة: «الإعلان مستحبّ بلا خلاف و ضرب الدفّ إذا كان خالياً من غناء و فحش و لم يختلط الرجال بالنساء رخّص على كراهيّة فيه». [31]

إشکالان في سند الروایة

الإشکال الأوّل

الخبر غير معلوم السند[32] ، فكيف الصحّة مع أنّه غير شامل للختان. [33]

ردّ الإشکال

قال السیّد الطباطبائيّ (رحمه الله): «اشتهار القول الأوّل[34] فتوىً بل و عملاً أيضاً ينجبر به سند الخبر جبراً يصلح معه لتخصيص العمومات المستدلّ بها على المنع، سيّما مع اعتضاده بفحوى المعتبرين[35] [36] و فيهما الصحيح المبيحين لأجر المغنّية في العرائس بناءً على أشدّية حرمة الغناء؛ لتصريح النصّ بكونه من الكبائر و لا كذلك اللهو. و يجبر أخصّيتهما من المدّعى باختصاصهما بالنكاح دون الختان بعدم القائل بالفرق بينهما، سيّما مع عدم تعقّل الفرق و قوّة دعوى كون مناط الجواز قطعيّاً مشتركاً بينهما»، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف). [37]

أقول: ضعف السند منجبر بالشهرة و الإجماع و الختان ملحق به للمرسل المنجبر ضعفه بالشهرة و الإجماع.

 


[1] . الخلاف، الشيخ الطوسي، ج6، ص307.
[2] المهذب، القاضي ابن البراج، ج2، ص224.
[3] . شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام -ط اسماعیلیان)، المحقق الحلي، ج4، ص117.
[4] . قواعد الأحكام، العلامة الحلي، ج3، ص495.
[5] . الدروس الشرعية في فقه الإمامية‌، الشهيد الأول، ج2، ص126.
[6] . جامع المقاصد، المحقق الثاني (المحقق الكركي)، ج4، ص24.
[7] الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، الشهيد الثاني، ج3، ص213.
[8] .الخلاف، الشيخ الطوسي، ج6، ص307.
[9] .المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج8، ص224.
[10] .الرسائل العشر، الشيخ الطوسي، ج1، ص329.
[11] . أي: العرس.
[12] شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام -ط اسماعیلیان)، المحقق الحلي، ج4، ص117.
[13] .قواعد الأحكام، العلامة الحلي، ج3، ص495.
[14] .تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، العلامة الحلي، ج5، ص251.
[15] هُوَ مَا يُتَّخَذُ مُدَوَّراً يُضْرَبُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَ يُقَالُ لِمَا يُجْعَلُ فِي إِطَارِ الدُّفِّ مِنَ النُّحَاسِ الْمُدَوَّرِ صِغَاراً.
[16] .الدروس الشرعية في فقه الإمامية‌، الشهيد الأول، ج2، ص126.
[17] أي: الأجراس الصغیرة.
[18] .جامع المقاصد، المحقق الثاني (المحقق الكركي)، ج4، ص24.
[19] .جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج22، ص49.
[20] .جامع المدارك، الخوانساري، السيد أحمد، ج6، ص113.
[21] المحقّق الثاني (رحمه الله).
[22] .أسس القضاء و الشهادة، التبريزي، الميرزا جواد، ج1، ص461.
[23] نصر بن عليّ بن نصر الجهضمي: مهمل.
[24] مهمل.
[25] خالد بن إلیاس بن صخر العدوي: مهمل.
[26] فرّوخ التيميّ المدني:‌ عامّي.
[27] زوجة النبيّ (ص) و قد حاربت أمیرالمؤمنین(ع).
[28] .سنن ابن ماجه، ابن ماجه، ج1، ص611. (هذه الروایه مسندة و ضعیفة؛ لوجود الرواة المهملین في سندها).
[29] .المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج8، ص224.
[30] .المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج8، ص224.
[31] .الرسائل العشر، الشيخ الطوسي، ج1، ص329.
[32] .جامع المدارك، الخوانساري، السيد أحمد، ج6، ص113.
[33] .مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان، المحقق المقدّس الأردبيلي، ج12، ص341.
[34] الجواز مع الکراهة.
[35] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص120. الروایة الأولی: (عدّة من أصحابنا هم محمّد بن يحيى العطّار القميّ [إماميّ ثقة] و عليّ بن موسى بن جعفر الكمندانيّ [مهمل] و داود بن كورة القميّ [مهمل] و أحمد بن إدريس بن أحمد الأشعريّ القميّ [إماميّ ثقة] و عليّ بن إبراهيم بن هاشم القميّ [إماميّ ثقة] عن أحمد بن محمّد[بن عیسی الأشعري: إماميّ ثقة ]) عَنْهُ [الحسین بن سعید الأهوازي: إماميّ ثقة] عَنْ حَكَمٍ الْحَنَّاطِ [بن الأیمن: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ [یحیی أبا بصیر الأسديّ: ثقة إماميّ من أصحاب الإجماع] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) قَالَ: «الْمُغَنِّيَةُ الَّتِي‌ تَزُفُ‌ الْعَرَائِسَ‌ لَا بَأْسَ بِكَسْبِهَا». (هذه الروایة مسندة، صحیحة، ظاهراً).
[36] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص120. الروایة الثانیة: (عدّة من أصحابنا هم محمّد بن يحيى العطّار القميّ [إماميّ ثقة] و عليّ بن موسى بن جعفر الكمندانيّ [مهمل] و داود بن كورة القميّ [مهمل] و أحمد بن إدريس بن أحمد الأشعريّ القميّ [إماميّ ثقة] و عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّيّ [إماميّ ثقة]] عن أحمد بن محمّد[بن عیسی الأشعري: إماميّ ثقة ]) عَنْهُ [الحسین بن سعید الأهوازي: إماميّ ثقة] عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ [الصیرفي: إماميّ ثقة] عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ [یحیی بن عمران الحلبيّ: إماميّ ثقة] عَنْ أَيُّوبَ بْنِ الْحُرِّ [الجعفي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ [یحیی أبا بصیر الأسديّ: ثقة إماميّ من أصحاب الإجماع] قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع): «أَجْرُ الْمُغَنِّيَةِ الَّتِي تَزُفُّ الْعَرَائِسَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ لَيْسَتْ بِالَّتِي يَدْخُلُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ».. (هذه الروایة مسندة و صحیحة)
[37] .رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج15، ص269.