درس خارج فقه استاد توکل

94/10/16

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع : احکام الغسل، الجنابة، الطهارة

و منها : ما رواها عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ – علیه الصلوة و السلام - قَالَ فِي حَدِيثٍ إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ – علیه الصلوة و السلام - عَنِ الْمَيِّتِ لِمَ يُغَسَّلُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ قَالَ إِذَا خَرَجَتِ الرُّوحُ مِنَ الْبَدَنِ خَرَجَتِ النُّطْفَةُ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا بِعَيْنِهَا مِنْهُ كَائِناً مَا كَانَ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً ذَكَراً أَوْ أُنْثَى فَلِذَلِكَ يُغَسَّلُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ .[1]

اقول : و فیه اولاً : انه لایلتزم احد بان الواجب علی المکلفین تغسیل المیت بنیة الغسل من الجنابة و ان خرجت عنه النطفة بل لو غسله بهذه النیة لایکفی ذلک من الاغسال الثلاثة الواجبة من السدر و الکافور و القراح حتی لو علم ان المیت قبل موته کان جنباً فلا یصح ایضاً تغسیله غسل الجنابة بل لو فعل ذلک بعنوان من الشریعة لکان ذلک بدعة محرمة .

و ثانیاً : ان المذکور فی بعض الروایات ان علة غسل المیت کانت لاجل انه تلاقی الملائکة فلزم ان یکون طاهراً نظیفاً .

فعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَزْوِينِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ – علیه الصلوة و السلام - عَنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ لِأَيِّ عِلَّةٍ يُغَسَّلُ وَ لِأَيِّ عِلَّةٍ يَغْتَسِلُ الْغَاسِلُ قَالَ يُغَسَّلُ الْمَيِّتُ لِأَنَّهُ جُنُبٌ وَ لِتَلَاقِيهِ الْمَلَائِكَةَ وَ هُوَ طَاهِرٌ وَ كَذَلِكَ الْغَاسِلُ لِتَلَاقِيهِ الْمُؤْمِنِينَ .[2]

و ثالثاً : ان فی الدلالة ایضاً تأمل لان الظاهر ان النطفة التی خلق منها الانسان قد تتبدل بالعلقة ثم بالمضغة ثم باللحم و العظام فما بقی منها شئ علی صورتها الاصلیة حتی تخرج بالموت و لانها لو بقیت علی صورتها الاصلیة فلا تتحصل منها شئ لاجل التغییر و النمو و لو لم یبق علی تلک الصورة فما بقیت منها شئ براسه حتی تخرج من البدن عند الموت فالدلالة محل تامل و نظر نعم یمکن ان یقال ان یکون المراد من النطفة التی خلق منها الانسان هو المنی الذی کان خلق الانسان من المنی بان الخارج من الانسان هو المنی الذی خلق منه لا نفس المنی الذی دخل فی رحم امه المسمی بالنطفة .

و اما الاستدلال بما هو العمدة للقائلین بوجوب النفسی ما هذا خلاصته :

ان الواجب المضیق المشروط بالطهارة کصوم شهر رمضان للزم ان یکون المکلف حین دخول الوقت ان یکون طاهراً فاذا کان المکلف علی الجنابة لوجب علیه الغسل قبل الوقت حتی یدخل فی الوقت طیباً طاهراً فعلیه ان وجوب الغسل اما ان یکون نفسیاً و هو المطلوب و اما ان یکون غیریاً و اما ان لایکون واجباً براسه و الاخیر منتف قطعاً لان المفروض وجوب الغسل علی المکلف حتی یدخل فی الوقت طاهراً و اما اذا کان غیریاً فیرد علیه الاشکال لان الوجوب الغیری المقدمی یستحیل ان یتصف بالوجوب قبل وجوب ذی المقدمة فعلیه لا مناص الا فی القول بوجوبه النفسی و هذا هو المطلوب .

اقول : و لکن یرد علیه

اولاً : ان اللازم علی القول بوجوبه النفسی هو تعدد المطلوب کمن ترک صیام شهر رمضان و هذا مما لایلتزم به القائلون بالوجوب النفسی .

و ثانیاً : ان هذا الاشکال لایختص بغسل الجنابة بل انه وارد علی غسل الحیض و النفاس اذا طهرت الحائض او النفساء قبل دخول الوقت فلزم القول بالوجوب النفسی فی غسل الحیض و النفاس و الظاهر ان القائلین لا یلتزمون به .

و ثالثاً : انه قد مرّ فی الاصول ان الواجب المشروط بالطهارة اذا لایمکن اتیانها فی الوقت ( ای بعد دخول الوقت) فالعقل یحکم بوجوب الاتیان بالمقدمة قبل الاتیان بالواجب ( الذی کان مشروطاً بها) لان المفروض عدم امکان الاتیان بعد دخول الوقت و بعبارة اخری انه قد مرّ فی الاصول – فی بعض الواجبات – ان الوجوب فعلی و لکن الواجب استقبالی فبملاک فعلیة الوجوب للزم الاتیان بالغسل و هذا لکان مع قطع النظر عن کون وجوب الغسل نفسیاً او غیریاً بل العقل حاکم بوجوب الغسل مع انه یمکن تقریب الاستدلال بوجه اخر من انه اذا لم یغسل الجنب فلا شک فی بطلان الواجب و هو صوم شهر رمضان و هذا البطلان یتحقق بفعل اختیاری من المکلف لانه کان یقدر علی الاتیان بالغسل قبل دخول الوقت فترکه الغسل یوجب تفویت الواجب اختیاراً و هذا غیر معذور فی الشریعة فوجب علیه حفظ الواجب و عدم تفویته و لاجل هذا یحکم العقل باتیان الغسل قبل دخول الوقت لانه اذا دخل فی الوقت و کان جنباً و لو آناً ما یکفی فی بطلان الصوم الواجب المشروط بالطهارة .

و رابعاً : یرد علی الروایة التی تدل علی لزوم تغسیل المیت لملاقاة روحه مع الملائکة لان المیت قد لاقی ملک الموت حین قبض روحه و کذا الملائکة التی جائت مع ملک الموت تحنیة لروح المومن و تعذیباً لروح الکافر او المذنب و من البدیهی ان التغسیل لکان بعد قبض الروح و بعد ملاقاة الروح مع الملائکة .

و خامساً : ان المصرح فی الروایة هو خروج النطفة عن الانسان کائناً ما کان صغیراً او کبیراً ففیه انه اذا مات احد بعد مضی اربعة اشهر فی بطن امه و بعد ولوج الروح فخروج النطفة ای المنی ( لان النطفة قد تغیرت و تبدلت بالعلقة و المضغة ) عنه امر بعید جداً .

و سادساً : ان الاستدلال بهذه الروایة (ای روایة محمد بن سلیمان الدیلمی) للمدعی فی کمال البعد لان البحث لکان فی غسل الجنابة للانسان الذی قد اراد الاتیان بامر یشترط فی الطهارة لا فی المیت الذی سقط عنه جمیع التکالیف الشرعیة و قد خرج عن رقبة التکلیف .

و سابعاً : ان محط الکلام فیما هو الواجب علی المکلف حین الاتیان بالتکلیف و تغسیل المیت واجب علی غیر هذا المکلف لانه واجب علی سائر المسلمین بوجوب کفائی .

 


[1] وسائل الشیعة، شیخ حر عاملی، ج2، ص487، ابواب غسل المیت، باب3، ح2، ط آل البیت.
[2] وسائل الشیعة، شیخ حر عاملی، ج2، ص488، ابواب غسل المیت، باب3، ح6، ط آل البیت.