درس خارج فقه استاد توکل

93/08/25

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع : احکام الجبائر، وضوء، الطهارة
(کلام السید فی العروة ) مسألة 25 : الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث لا مبيح.[1]
و فی المقام قولان من الاعلام فذهب العلامة فی المختلف و الشهید فی کتبه و المحقق الثانی فی جامع المقاصد و صاحب المدارک الی ان الوضوء مع الجبیرة رافع للحدث و لاجل ذلک لایوجب الاستیناف فی الوضوء بعد زوال العذر و لکن ذهب الشیخ فی المبسوط و العلامة فی ظاهر المعتبر و کذا الایضاح و شرح المفاتیح الی القول الثانی و انه یوجب الاباحة فی الدخول فی الصلوة و انه مبیح لاجل قصور النصوص عن اثبات الرافعیة .         
و لا باس بالتوضیح لکلا القولین و ما یترتب علیهما من اللوازم .
فنقول : اما علی القول بکون الوضوء مع الجبیرة رافعاً فالمراد هو ان کل ما یشترط فیه الطهارة او یکون الحدث مانعاً یصح الاتیان به بهذا الوضوء و کذا یصح رفع الحدث به کما اذا اراد احد من ان ینام علی طهارة بدون الحدث فیصح له ذلک من الاتیان بالجبیرة لاجل رفع حدثه و النوم علی طهارة من دون فرق بین هذا الوضوء و الوضوء التام ( ای بلا جبیرة و لا عذر ) فی تحقق الطهارة و رفع الحدث و اما علی القول بان الوضوء مع الجبیرة مبیح للصلوة فالمراد ان غایة ما یتحصل من هذا الوضوء هو جواز الدخول فی الصلوة فقط و لکن لایرتفع به الحدث و لذا ان المتوضی باق علی حدثه فاللازم من هذا القول هو التخصیص فی ادلة الطهارة فیما یشترط فیه الطهارة فیصح الدخول فی الصلوة و ان لم یکن علی طهارة .
و لایخفی علیک ان الظاهر المستفاد من الادلة هو الرافعیة و ان الوضوء مع الجبیرة قائم مقام الوضوء التام عند طرو العذر و فی الروایة ِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ  -علیه الصلوة و السلام - أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ بِهِ الْقَرْحَةُ فِي ذِرَاعِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَوْضِعِ الْوُضُوءِ فَيَعْصِبُهَا بِالْخِرْقَةِ وَ يَتَوَضَّأُ وَ يَمْسَحُ عَلَيْهَا إِذَا تَوَضَّأَ فَقَالَ إِنْ كَانَ يُؤْذِيهِ الْمَاءُ فَلْيَمْسَحْ عَلَى الْخِرْقَةِ وَ إِنْ كَانَ لَا يُؤْذِيهِ الْمَاءُ فَلْيَنْزِعِ الْخِرْقَةَ ثُمَّ لْيَغْسِلْهَا[2].
و المصرح منها ان المسح علی الجبیرة کالوضوء التام فی الرافعیة غایة الامر عند عدم العذر یوجب غسل المحل و الحدث یرتفع بهذا الفعل و عند طرو العذر من الایذاء و امثاله لصح المسح علی الجبیرة و الحدث یرتفع بهذا العمل و الطهارة اللازمة فیما یشترط فیه الطهارة لتتحقق بکلا الامرین .
مضافاً الی انه لایتوهم احد ان الوضوء مع الجبیرة کان فی عرض وضوء التام حتی یقال انه یصح للمکلف ان یأخذ بالوضوء التام ( بلا جبیرة ) کما یصح اخراج نفسه عن الصحة بالجرح او الکسر و یأخذ بالوضوء مع الجبیرة کما یصح للمصلی ان یأخذ بالصلوة التامة باربع رکعات فی الحضر کما یصح ان سافر فصار مسافراً و یأخذ بالصلوة حضراً و انهما فی عرض واحد فعلی المکلف الاختیار فی الاخذ بایهما شاء کما اذا کان فی موضع اربعة فراسخ من الوطن فیصح له الاتمام قبل تحقق المسافة و لو بعشرة اقدام او العبور من الحدّ بعشرة اقدام و الاخذ بالصلوة حضراً و له الاختیار فی الاخذ بایهما شاء بل المستفاد من الروایات هو ان وظیفة المکلف هو الاتیان بالوضوء التام و لکن اذا وقع علیه العذر و خرج عن الاختیار لکان الوضوء مع الجبیرة قائماً مقام الوضوء التام فیکون فی مرحلة و مرتبة اخری و بعبارة اخری یکون الوضوء مع الجبیرة فی طول الوضوء التام لا فی عرضه فیرجع الامر الی ان ما هو المطلوب فی نظر الشارع الاقدس هو الوضوء التام و لکن عند طرو العذر لیرضی الشارع بهذا الوضوء مع الجبیرة عذراً فالرافعیة موجودة فیهما و الاثر فیهما فی الرافعیة واحد و لکن الجبیرة لکانت فی المرحلة النازلة ( و المتأخرة ) عن الوضوء التام و لذا قلنا انه لایجوز للمتوضئ اراقة  الماء او جرج نفسه حتی القی نفسه فی العذر القهری لان الامتناع بالاختیار لاینافی الاختیار و لذا یعاقب علی فعله فی اراقة الماء و ان کانت صلوته مع التیمم صحیحة مجزیة کما فی الجبیرة بخلاف ما اذا کان العذر طاریاً علیه بلا اختیار ( و الوجه ان الصلوة لاتترک بحال مع اشتراطها بالطهارة فلا یمکن له ترک الصلوة فمع عدم امکان اتیانه بالوضوء التام فلا مناص له الا التیمم او الوضوء مع الجبیرة ) ففی هذه الصورة ان الوضوء مع الجبیرة او التیمم قائم مقام الوضوء التام و کان رافعاً من دون ترتب العقاب بل یثاب علی فعله و الحق ان الوضوء مع الجبیرة رافع للحدث و یترتب علیه کل مایترتب علی الوضوء التام و انه فی مرتبة نازلة منه و یکون فی طول الوضوء التام لا فی عرضه و هذا هو المقصود من الروایات و ان الامام -علیه الصلوة و السلام - اذا حکم بالجبیرة عند طرو العذر کالایذاء فکان مراد هو الرافعیة و علیه ان القول بعدم الرافعیة و ان ما یتحصل منه هو الاباحة یحتاج الی دلیل لان السائل لایکون نظره فی السوال هو الاتیان بالوضوء و الدخول فی الصلوة فقط بل مراده هو الاتیان بالوضوء و تحصیل الطهارة فی کل ما یشترط فیه الطهارة و ان کان نظره فی بدو الامر هو الصلوة لاجل ابتلائه فی العاجل بالصلوة مضافاً الی ان التفکیک بین الاباحة فی الصلوة و الرافعیة امر یتحقق بالدقة  العقلیة و لایکون للعرف نظر الی هذه الدقیات و لذا لو عرضنا هذه الامور ( الدقیة ) للعرف لکان فی تامل لدرک ما نقول له حتی یفهم کلامنا فهذا علامة بان هذه الامور لیست مما یفهمه العرف و یعرفه و الامام -علیه الصلوة و السلام - لکان نظره فی کلامه الشریف هو العرف و ما یفهمه .



[1] العروة الوثقى، يزدى، سيد محمد كاظم بن عبد العظيم طباطبائى، ج‏1، ص 478، ط. جامعة المدرسین.
[2] وسائل الشیعة، شیخ حر عاملی، ج1، ص463، ابواب الوضوء، باب 39، ح 2، ط آل البیت  .