درس خارج فقه استاد توکل

93/02/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع : احکام الجبائر، الوضوء، الطهارة
(کلام السید فی العروة ) فصل في أحكام الجبائر
و هي الألواح الموضوعة على الكسر و الخرق و الأدوية الموضوعة على الجروح و القروح و الدماميل فالجرح و نحوه إما مكشوف أو مجبور و على التقديرين إما في موضع الغسل أو في موضع المسح ثمَّ إما على بعض العضو أو تمامه أو تمام الأعضاء ثمَّ إما يمكن غسل المحل أو مسحه أو لا يمكن فإن أمكن ذلك بلا مشقة و لو بتكرار الماء عليه حتى يصل إليه لو كان عليه جبيرة أو وضعه في الماء حتى يصل إليه بشرط أن يكون المحل و الجبيرة طاهرين أو أمكن تطهيرهما وجب ذلك .[1]
اقول : انه لزم بیان امور قبل الخوض فی حکم المسئلة :
الاول : فی معنی الجبیرة لغة و فی مجمع البحرین : الجبر اصلاح العظم من الکسر یقال جبرت العظم و الکسر جبراً و جَبَر العظم و الکسر جبوراً ای انجبر  . . .  و منه الجبیرة علی فعلیة واحدة الجبائر و هی عیدان یجبر بها العظام .
و فی القاموس : الجبر خلاف الکسر و قال المجتبر الذی یجتبر العظام .
و فی اقرب الموارد : الجبیرة العیدان التی تجبر بها العظام . . . و هذا هو المعنی الذی یذکر من المجمع .
الثانی : ان الجبیرة مختصة بالکسر کما هو الظاهر المناسب لهذه المادة و لکن تعمیمها للادویة الموضوعة علی الجروح او القروح او الدمامیل لکان لاجل التوسعة فی معناها عند الفقهاء لاتحاد الحکم بینها و ان هذه الامور کلها لها حکم واحد مضافاً الی ان اللازم هو الاقتصار علی النص فی مورده و التوسعة ای التعدی من مورد النص الی غیره یحتاج الی دلیل شرعی و لکن تستفاد هذه التوسعة من الروایة .
ففی صحیح بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا  - علیه الصلوة و السلام - عَنِ الْكَسِيرِ تَكُونُ عَلَيْهِ الْجَبَائِرُ أَوْ تَكُونُ بِهِ الْجِرَاحَةُ كَيْفَ يَصْنَعُ بِالْوُضُوءِ وَ عِنْدَ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ يَغْسِلُ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ الْغَسْلُ مِمَّا ظَهَرَ مِمَّا لَيْسَ عَلَيْهِ الْجَبَائِرُ وَ يَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا لَا يَسْتَطِيعُ غَسْلَهُ وَ لَا يَنْزِعُ الْجَبَائِرَ وَ لَا يَعْبَثُ بِجِرَاحَتِهِ [2].
و الظاهر من الروایة ان غسل ما وصل الیه الماء و لیس علیه الجبائر لکان علی صورة الاختیار و عدم الاضطرار و اما فی مورد الجراحة التی علیها الجیبرة .
فالمصرح فیها هو عدم لزوم نزع الجبیرة و ایصال الماء الی تحتها و اما المس برطوبة علی الجبیرة او عدمه فلا یستفاد منها و قوله (ع) یدع ما سوی ذلک مما لا یستطیع غسله یدل علی عدم لزوم غسل مورد الجرح و لا دلالة فیها علی المس برطوبة مقام الغسل الذی لایمکن اتیانه و سیأتی الکلام فی الجمع بین الروایات الواردة فی الباب .
الثالث : ان مقتضی القاعدة الاولیة بعد تحقق العذر من غسل موضع البشرة هو قیام بدله مقامه ( ای التیمم مقام الوضوء او الغسل ) لان التراب احد الطهورین فاذا لایمکن احد منهما قام مقامه الفرد الاخر کما قال الله تعالی : فلم تجدوا ماء ً فتیمموا صعیداً طیباً[3] و لو لا دلالة ما دل علی الجبیرة لقلنا بلزوم التیمم عند وجود العذر عن اتیان الوضوء او الغسل بتمامه و کماله و لذا کانت الجبیرة خلاف القاعدة الاولیة فلزم التوقف و الاقتصار فی موردها و ما مقتضی مفاد الادلة .
و قال المحقق الخویی ما هذا لفظه : نعم لو قلنا بتمامیة قاعدة المیسور و ان المیسور من کل شئ لایسقط بالمعسور لانعکس الحال فی المقام و کان مقتضی القاعدة الاولیة تعین مسح الجبیرة من غیر ان یجب علیه التیمم لان الطهارة المائیة متقدمة علی الطهارة الترابیة و حین ان المکلف متمکن من الوضوء الناقص فلا یسقط وجوب المیسور منه بتعذر المعسور منه لان المتعذر انما هو مسح جمیع الاعضاء و اما مسح بعضها فلا فالوضوء الناقص منزل منزلة الوضوء التام بتلک القاعدة فمقتضی القاعدة الاولیة فی موارد الجبیرة هو الوضوء الناقص و مسح الجبیرة من غیر ان تنتقل الفریضة الی التیمم لتأخر الطهارة الترابیة عن الطهارة المائیة [4].
اقول : انه مع قطع النظر عن عدم تمامیة قاعدة المیسور سنداً و  دلالةً ( کما ان ذلک متفق علیه بین المحقق الخویی و بیننا) ان المعسور هو موضع الجراحة الذی لایمکن غسله و اما المیسور فلیس الاتیان بالجبیرة و المس علیها مقام الغسل بل المیسور هو المواضع التی لیس فیها شکل من الجراحة و امثالها و مرجع ذلک هو ان المیسور الذی یمکن غسله لایترک بالمعسور الذی لایمکن غسله فلزم ترک المعسور برأسه و الاتیان بالوضوء الناقص ( ای غسل مواضع المیسور ) مقام الکامل .
نعم ما دل علی الجبیرة و لزوم المسح علیها یحکم باتیان غسل المیسور و الاتیان بالجبیرة مقام ما یتعذر منه لا ترک بالمیسور برأسه کما فی روایة
 عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ - علیه الصلوة و السلام - عَثَرْتُ فَانْقَطَعَ ظُفُرِي فَجَعَلْتُ عَلَى إِصْبَعِي مَرَارَةً فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِالْوُضُوءِ قَالَ يُعْرَفُ هَذَا وَ أَشْبَاهُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ امْسَحْ عَلَيْهِ [5].


[1] العروة الوثقى، يزدى، سيد محمد كاظم بن عبد العظيم طباطبائى، ط. جامعة المدرسین، ج‏1، ص 461.
[2]  وسائل الشیعة، شیخ حر عاملی، ط آل البیت، ج1، ص463، ابواب الوضوء،  باب 39، ح 1.
[3] نساء/سوره4، آیه43.
[4]  التنقیح فی شرح العروه الوثقی، السيد أبوالقاسم الخوئي - الشيخ ميرزا علي الغروي، ج6، ص143 - 144   .
[5]  وسائل الشیعة، شیخ حر عاملی، ط آل البیت، ج1، ص463، ابواب الوضوء،  باب 39، ح 5 .