درس خارج فقه استاد توکل

92/09/02

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع : الشرط الثاني عشر : النية ، شرايط الوضو، الطهارة
و قال بعض المحققين و لعّل اشير الي هذه الامور الثلاثة ما في سورة الحمد فقوله تعالي الحمد لله رب العالمين ناظر الي الصورة الاولي لانه لا يقصد بها الا الله و تقديسه و تحميده و اشير الي الصورة الثانية بقوله الرحمن الرحيم لان الرحمة النازلة من الله تعالي علي العبد يوجب دخول الجنة في الاخرة و نزول البرکات في الدنيا و اشير الي الصورة الثالثة قوله تعالي مالک يوم الدين لان العقاب بيده و نعوذ بالله منه و لکن تقرير البحث بوجه اخر استناداً الي الروايات الواردة في المقام لان ما ذکرناه آنفاً لکان لاجل الاستناد الي الانحصار العقلي ) .
فنقول : انه تارة يکون الداعي لامتثال امر المولي نفس اهلية المولي للعبادة و لا نظر فيها الي غيرها کما هو المنقول عن مولانا امير المومنين عليه الصلوة و السلام انه قال : ما عبدتک خوفاً من نارک و لا طمعاً في جنتک و لکن وجدتک اهلاً للعبادة فعبدتک.[1]   [2]
و اخري يکون الداعي هو الطمع في الجنة و الفوز بها کما يستفاد ذلک مما رواها هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ - عليه الصلوة و السلام- قَالَ الْعِبَادَةُ ثَلَاثَةٌ قَوْمٌ عَبَدُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَوْفاً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ وَ قَوْمٌ عَبَدُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى طَلَبَ الثَّوَابِ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأُجَرَاءِ وَ قَوْمٌ عَبَدُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حُبّاً لَهُ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ وَ هِيَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ.[3]  
و ثالثة : يکون الداعي هو النجاة من النار و الفرار عن العقاب کما مرّ في الرواية المذکورة آنفاً .
و قد وردت رواية عنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ - عليه الصلوة و السلام- إِنَّ النَّاسَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَطَبَقَةٌ يَعْبُدُونَهُ رَغْبَةً فِي ثَوَابِهِ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْحُرَصَاءِ وَ هُوَ الطَّمَعُ وَ آخَرُونَ يَعْبُدُونَهُ خَوْفاً مِنَ النَّارِ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ وَ هِيَ رَهْبَةٌ وَ لَكِنِّي أَعْبُدُهُ حُبّاً لَهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْكِرَامِ وَ هُوَ الْأَمْنُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ]: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ فَمَنْ أَحَبَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَ مَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى كَانَ مِنَ الْآمِنِينَ[.[4]   
و قد يکون الداعي لبعض هو الشکر عن الله تعالي کما مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الرَّضِيُّ الْمُوسَوِيُّ فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ - عليه الصلوة و السلام- أَنَّهُ قَالَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ.[5]    
فالمستفاد من الروايات کما هو المصرح فيها ان العبادة بداعي المحبة لله تبارک و تعالي او الشکر هي افضل العبادة و عبّر عنها الامام (ع) بعبادة الاحرار و من البديهي انه لا منافاة بين التعابير في الروايات من کون الداعي هي المحبة او الشکر او ان الله تعالي هو الاهل للعبادة لان من بلغ في مقام المعرفة بدرجات يعرف ان الله تعالي يکون اهلاً للبعادة فيحبه لان الاهلية لا تکون الا لمن جمع جميع الصفات الجلالية و الجمالية و هو صاحب هذه الصفات الکمالية مما لا نهاية فيها فالذات التي تجتمع فيه جميع هذه الصفات لکانت مورداً للمحبة لمن عرفه فيحبه و يشکره لان الانسان يحب الکمال و يحب من کان واجداً له و يشکره ايضاً لان نعمة المعرفة تستلزم الشکر عن الله تعالي لانه لا تعطي الا للخواص من اهل الايمان .
و لاجل ذلک في ان الداعي اذا کان هو المحبة تکون العبادة عبادة الاحرار لانه حرّ عن النظر الي نفسه و ما تشتهيه بل نظر الي خالقه و لذا کانت افضل العبادة فيظهر مما ذکرناه ان التعابير مختلفة و لکن الواقع واحد
و اما اذا کان الداعي هو الفوز بالجنة او الامن من العقاب .
فتارة يکون الداعي هو ذلک من دون قصد الاطاعة فلا اشکال في عدم ترتب الاثر فيما لا يکون في البين اطاعة .
و اخري يکون الداعي هو الاطاعة فيصل ببرکتها الي الجنة او الامن من العقاب فلا اشکال في الصحة لان المصرح في الرواية هو التعبير عن هذا العمل بالعبادة او التعبير عن فاعلها بالعباد فلو کان عمل هذه الداعي باطلاً لما صح التعبير عنه بهذه العبارة .


[1] بحارالانوار، مجلسي، محمدباقر بن محمدتقي، مؤسسة الوفاء، ج41، ص14، ح4 . 
[2]الکافي رواها مرسلاً في باب نية العبادات من ابواب جنود الايمان في ذيل الرواية الاولي..
[3]وسائل الشيعة، شيخ حر عاملي، ط آل البيت، ج1، ص62، ابواب مقدمه العبادات، باب9، ح 1.
[4]وسائل الشيعة، شيخ حر عاملي، ط آل البيت، ج1، ص62، ابواب مقدمه العبادات، باب9، ح 2.
[5]وسائل الشيعة، شيخ حر عاملي، ط آل البيت، ج1، ص63، ابواب مقدمه العبادات، باب9، ح 3.