الأستاذ الشيخ ناجي طالب
بحث الأصول
37/08/05
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : الواجب المعلّق
الواجب المعلّق
نظريّة الواجب المعلّق هي لصاحب الفصول[1] قال في بـيانها بأنّ الواجب المعلّق هو ما يتعلّق وجوبه بالمكلّف ويتوقّف حصوله على أمر غير مقدور له ، كالحجّ ، فإنّ وجوبه الفعلي يتعلّق بالمكلّف من أوّل زمان الإستطاعة ، ويتوقّف فِعْلُه على مجيء وقت الحجّ ، ومجيءُ وقتِ الحجّ ليس بمقدور الإنسان . والفرقُ بين الواجب المعلّق والوجوب المشروط ـ عنده ـ هو أنّ المتوقِّف في الإستطاعة هو الوجوب ـ كوجوب الحجّ ـ ، وأمّا في الواجب المعلّق فالمتوقّف على مجيء الوقت هو الواجب ـ كالحجّ ـ .
وعليه يجب على المكلّف في الزمان السابق أن يأتي بالحجّ لكنْ في زمانه المناسب ، كما يجب على المكلّف ـ الموجود في مكان مغصوب ـ الذي زالت عليه الشمس أن يخرج من المكان المغصوب إلى مكان مباح ليصلّي .
فإن قلتَ : إذا وجب الحجّ فِعلاً قبل مجيء وقته فوجوبُه الفعلي إمّا أن يكون مشروطاً بـبقاء المكلّف حيّاً إلى زمان الحجّ أو لا ، فإن كان وجوب الحجّ الفعلي مشروطاً بـبقائه حيّاً إلى زمان الحجّ فهذا يعني عدم فعليّة الحجّ من حين الإستطاعة ، وإن لم يكن الوجوب الفعلي للحجّ مشروطاً ببقائه حيّاً إلى موسم الحجّ ـ أي أنه فعليّ عليه حتى ولو مات قبل موسم الحجّ ـ فهذا غير معقول !
قلنا : نحن نـقول بالفعليّة المعلّقة على بقائه حيّاً إلى موسم الحجّ ، ولا نـقصد الفعليّةَ المنجّزة ، بمعنى أنه إذا بقي حيّاً إلى موسم الحجّ كشف عن وجوبه الفعلي الواقعي عليه ، وإن مات كشف عن عدم وجوبه الفعلي عليه من أيام الإستطاعة .
ثم قال صاحب الفصول بأنه ممّا حقق يتبـيّن لك الفرق بين الواجب المعلّق والوجوب المشروط ، فإنّ الوجوب المشروط يكون مشروطاً ومعلّقاً على حصول الإستطاعة ، وفي الواجب المعلّق يكون التكليف فعليّاً إحتمالاً من أيام الإستطاعة فيجب تهيئة مقدّمات الحجّ من أيام الإستطاعة لاحتمال بقائه حيّاً إلى موسم الحجّ ، ففرقٌ بين أن تقول (إذا جاء وقت الزوال وجبت الصلاة عن طهارة) ـ فلا تجب تهيئة الطهارة قبل الزوال حتى ولو كنت تحتمل عدم التمكّن من تحصيلها بعد الزوال ـ وبين أن تقول (تجب الصلاة عن طهارة فعلاً الآن ، لكن في وقت الزوال) ـ فتجب ح تهيئة الطهارة قبل الزوال إن كان يوجد خوف من عدم التمكّن من تحصيلها بعد الزوال ـ . مثال آخر : فرقٌ بين قولك لمن اقترض منك (إذا صار معك مال فاقضِ ما لي عليك من دَين) وبين قولك له (إدفع دَيني لي بعد يومين) ، فالأوّل الوجوب معلّق والثاني الوجوب مطلق وفعليّ [2] .