الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الأصول

37/03/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : توهّمات على بعض الإستصحابات

لا يزال الكلام في الأصل المثبت ، فقد استشكلوا بعض الإشكالات وتوهّموا عدم جريان الإستصحاب في الحالة التالية : لو فرضنا أنّ الأب مات أثناء شهر رمضان ، لكننا لم ندرِ في أيّ يوم بالتحديد ، وكان ابنُه كافراً لكنه أسلم في اليوم العاشر من شهر رمضان ، فقد يتوهّم متوهّم أنّ استصحابنا لعدم موت الأب إلى أن أسلم الإبن أنه أصل مثبت ، ذلك لأننا إنما نريد من هذا الإستصحاب إثبات أنّ الأب حينما مات كان ولده مسلماً ، وهذا التقارن أثر عقليّ واضح ، فلا ينبغي إذن إجراء استصحاب عدم موت الأب إلى أن أسلم الإبن .

والجواب : هو أنّ موضوع الإرث هو المركّب بين (موت الأب) و (كون الإبن مسلماً) ، وليس بالضرورة أن نقول بأنّ موضوع الإرث هو عنوان بسيط وهو عنوان (التقارن بينهما) كي تقول بأنّ الإستصحاب سيكون ح أصلاً مثبتاً . وعليه فيكفي عرفاً أن نستصحب عدم موت الأب إلى أن أسلم ابنُه ، ثم مات الأب عند أو بعد إسلام إبنه ، وبالتالي يرثه ولدُه ، ولا سيّما وأنّ المرجع هنا إلى أصالة إرث الإبن من أبيه ، إذ الأصل أنهما يتوارثان ، إلاّ أن نعلم بكفر الولد ، فما لم نعلم فإننا نرجع إلى أصالة التوارث بين الأقارب .

مسألة : إذا شككنا في تذكية حيوانٍ ما فَعَلَينا أن نبني على عدمِ التذكية لأصالة عدم التذكية ، فهل يثبت بسبب إجراء عدم التذكيةِ أنّ الحيوان ميتة إذَنْ فلا يصحّ حمْلُ مشكوكِ التذكية أثناء الصلاة ؟ أم لا يثبت بالإستصحاب أنه ميتة ، فيصحّ ح حمْلُه في الصلاة ؟ فقد روى في يب عن سعد عن أبي جعفر عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى(ثقة واقفي) عن (كتاب الفقيه : ) سماعة قال : سألت أبا عبد اللهt عن تقليد السيف في الصلاة فيه الفراء والكيمخت ؟ فقال : ( لا بأس ما لم تعلم أنه مَيتة ) ، وفي يب وصا عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : سألته عن أكْلِ الجبن وتقليد السيف وفيه الكيمخت والفراء وذَكَرَ مِثْلَه ، موثّقة السند ، وهذه الرواية تفيد جواز حمل مشكوك المَيتة في الصلاة ، وذلك لأنّ موضوع حرمة الحمل هو (عِلْمُنا بكون المحمولِ مَيتةً) .

الجواب : لا شكّ في أنّ استصحاب عدم التذكية لا يُثْبِتُ أنّ الحيوان مَيتةٌ ـ أي أنه مات حَتْفَ أنْفِه ـ ولا يحصل عندنا عِلْمٌ ـ لا وجداني ولا تعبّدي ـ من خلال الإستصحاب أنّ هذا المحمولَ مَيتةٌ . واستصحابُ (عدم التذكيّة) لا يُثْبِتُ عنواناً وجوديّاً هو عنوان (الميتة) ، ولذلك يصحّ حمْلُ مشكوكِ التذكية في الصلاة . وبتعبير آخر : المستصحَبُ هو (عدم التذكية) ، وموضوع الحكم هو (الميتة) بوجودها الواقعي ، فتغايرا ، ولذلك لا تـَثْبُتُ أحكامُ المَيتة ، لعدم الدليل على أنه ميتة ، ولعلّك تعلم المغايرةَ المفهوميّة بين (غير المذكّى) و (الميتة) ، حتى وإن تصادقا في الخارج في مزهوق الروح ، فإنّ هذه العناوين تعبّدية . إذن يصحّ حمْلُ مشكوكِ التذكية في الصلاة .