بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : التنبيه الرابع وهو في جريان البراءة في المستحبّات المحتملة
  التنبيه الرابع وهو في جريان البراءة في المستحبّات المحتملة
  لو وَرَدَ في بعض الروايات الغير تامّة سنداً أو دلالةً أو في بعض كلمات العلماء استحبابُ بعض الأفعال، وبالتالي حصل عندنا شكّ في الإستحباب الواقعي، فلا شكّ في عدم جريان البراءة العقليّة ولا الشرعيّة عمّا يُشَكّ في استحبابه، ذلك لأنّ البراءة في الآيات والروايات هي امتنان على الناس، ولا امتنان في رفع التنجّز أو الفعليّة عن الإستحباب المحتمل، بل لا معنى لذلك، لا بل إنّ رفْع الإحتياطِ هو رفْعٌ للإمتنان، فهو إذَنْ خِلافُ الإمتنان، ولذلك نقول : مَن أحبّ أن يأتي بمشكوك الإستحباب فقد احتاط وانقاد ويستحقّ الثواب، لا بل يقول السيد الخوئي بأنّ (جعْلَ استحبابِ الإحتياط مقطوع به ومسلّم به عند الطائفتين)، سواءً كان المستحبّ المحتملُ استقلالياً ـ كما لو شككنا في استحباب صلاة ليلة الرغائب ـ أم ضمنيّاً ـ كما لو شككنا في استحباب قول آمين بعد الفاتحة، طبعاً لا بنيّة الجزئيّة ـ، ومَن لم يحبّ فهو بريء الذمّة من الأصل .
  وكذلك أخبارُ (مَن بَلَغَ) تفيدنا استحبابَ الإحتياط والإنقياد، كما قلنا قبل قليل، وذلك بأنْ نأتيَ بالعمل برجاء الإستحباب الواقعي، وعلى أيّ حال، فحتى لو لم يكن هناك استحبابٌ واقعي فلا شكّ بأنّ أخبار (مَن بَلَغ) تُثْبِتُ نفسَ الثواب الواردِ في الروايات، كما مرّ معنا قبل قليل .
*   *   *   *   *
( دوران الأمر بين المحذورَين )
  لا شكّ أنّ البراءتين العقليّة والشرعيّة تجريان في كلّ طرف، وذلك للجهل بوجوب الأمر أو بحرمته، فالمقتضي للجريان موجود، لكنْ لو جرت البراءةُ فيهما لوقعنا في المخالفة لِعِلْمِنا بوجوب الأمر أو بحرمته، فيتساقطان لهذا السبب .
  ولو أجرينا البراءةَ عن الوجوب تعييناً، أو عن الحرمة تعييناً، لكان إجراؤنا لهذه البراءة بلا وجه أيضاً، ولذلك ندّعي عدم جريانها في أحدهما، وذلك لعدم وضوح الإطلاق في أدلّة البراءة لمثل هكذا حالة، ولذلك ينصرف ذهنُ المتشرّعة إلى حالة الشبهات البدويّة الغير مقترنة بالعلم الإجمالي، خاصةً العلم الإجمالي المردّد بين المحذورين .