بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/02/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الكلام في أصولية الأصول العملية

  المقدمة الثانية : الحكم الظاهري وأصنافُه وخصائصها
  ويقع البحث هنا في نقطتين :

الاُولى: في اُصولية الأصول العملية :
 لا شكّ أنك تعرف موضوعَ علمِ الاُصول وأنه القواعد المشتركة التي قد تنفعنا في استنباط الأحكام الشرعية، وكلّ ما قد يَصُبّ في هذا الغرض هو من علم الأصول، وذلك بالبيان التالي :

موضوع علمِ الاُصول هو القواعد أي العامّة والكليّة،

المشتركة أي التي يستفاد منها في كلّ أبواب الفقه الإستدلالي كدلالة الأمر على الوجوب ودلالة عدم التقييد على الشمول وكالبراءة .. دون قاعدة الطهارة في الشبهات الحكمية التي لا تجري إلاّ في مورد الشكّ في طهارة شيء ونجاسته .

فإن تساءلتَ وقلتَ : لكنْ بعضُ المسائل الاُصولية هي أيضاً مختصّة ببعض الأبواب دون بعض، كالبحث عن دلالة النهي عن العبادة والمعاملة على الفساد أو عدم الفساد، حيث إن الاُولى تجري في خصوص العبادات، والثانية في خصوص المعاملات . إذن لماذا لم يبحثوا قاعدة الطهارة في الشبهات الحكمية كما بحثوا دلالة النهي على الفساد ؟

كان الجواب : لا يبعد أن يكون الجواب هو أنّ النهي عن العبادة هو عامّ شامل لكلّ العبادات، فالنهي عن الحجّ يقتضي بطلانه، وكذا في الوضوء والصلاة والصيام .. على أنّ في النهي عن العبادة والمعاملة بحثاً طويلاً ومفصّلاً . هاتان الناحيتان غير موجودتين في قاعدة الطهارة في الشبهات الحكمية، فموردها خصوصُ الشكّ في الطهارة الذاتية لشيء ما ـ كالكافر والخمر ـ أو نجاسته الذاتية، وليست هي محلّ بحث وأخْذٍ وردّ، وإنما هي في غاية الوضوح، فلك أن تستدلّ عليها بموثّقة عمّار المشهورة "كلّ شيء نظيفٌ حتى تعلم اَنّه قذر .." كما لك أن تستدلّ عليها بالإطلاق المقامي بعد وضوح النجاسات في الشرع، وفي الشكّ في عروض النجاسة ـ كما في الشكّ في عروض النجاسة على المضاف الكثير كآبار النفط إذا وقعت فيها نجاسة ـ فلك أن ترجع إلى موثّقة عمّار أيضاً وإلى أصالة الطهارة العقلية، أقصد أنّ دليل قاعدة الطهارة في الشبهات الحكمية هو العقل والنقل .. إذن هي قاعدة قصيرة وواضحة .. لذلك ليس بالضرورة بحثُها في علم الأصول، لا لعدم كونها ذاتاً من علم الاُصول، وإنما لعدم وجود بحث وكلام فيها، أي من باب السالبة لانتفاء الموضوع ,
 التي قد تنفعنا في استنباط الأحكام الشرعية، بما فيها الأحكام الظاهرية الكلّيّة الفرعية التي يستطيع العامّي أن يستفيد منها في موارد شكوكه الجزئيّة، كقاعدة الإستصحاب في الشبهات الموضوعية التي يطبّقها العامّي على الموارد الجزئيّة أي الخارجيّة، ومثلها تماماً قاعدتا الفراغ والتجاوز وقاعدةُ الطهارة في الشبهات الموضوعية، فقاعدة الطهارة في الشبهات الموضوعية مثلاً حكم شرعي ظاهري فرعي كلّي، والبراءةُ مثلاً حكم شرعي ظاهري أصولي كلّي ..