العنوان: بقية
أدلّة الأخباريين على عدم حجية ظهورات القرآن الكريم والجواب على ذلك
ـ ومنها : ما
رواه عمر بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سمعته يقول : (
اِنّ الله تبارك وتعالى لم
يَدَعْ شيئاً تحتاج إليه الاُمّةُ اِلاّ أنزله في كتابه وبيَّنَهُ لرسوله (ص)).
ـ ومنها : ما
رواه الريان بن الصلت عن الرضا عن آبائه (عليهم السلام) قال
: (
قال الله عز وجل : ما آمن
بي مَن فَسَّرَ برأيه كلامي ) . وهذا لا
ينكره شيعيٌّ مؤمِنٌ قط، لأنّ التفسير بالظنّ حرام، ومثلُها ما بعدها .
ـ ومنها : ما
رواه عبد الرحمن بن سمرة قال قال رسول الله (ص) : (
لعن الله المجادلين في دين
الله على لسان سبعين نبياً، ومَن جادَلَ في آيات الله كَفَرَ، قال الله [ مَا
يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا][1]، ومَن فَسَّرَ القرآنَ برأيه فقد افترى على الله الكَذِبَ،
ومَن أفتى الناسَ بغير عِلْمٍ لعنته ملائكة السماوات والأرض ) .
ـ ومنها : ما
رواه أبو البختري عن الصادق عن آبائه (عليه السلام) (
ان أهل البصرة كتبوا إلى
الحسين بن عليّ
(عليهم السلام) ...
)
إلى
أن قال (عليه السلام): (
فإنّي سمعت جدي رسول الله (ص) يقول : "مَن قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من
النار"
)
.
ـ ومنها : ما
رواه أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال
: (
مَن فَسَّرَ القرآنَ برأيه
اِنْ أصاب لم يُؤجر، واِنْ أخطأ خَرَّ أبْعَدَ مِنَ السماء ) .
فالمراد من قوله (عليه السلام) >
برأيه
<
هو الظنّ، ونحن لا نفسّر بالظنّ، وإنما نحمل الكلام على ظاهره، أو قُلْ : نحن
نفسّرُ طبقاً للمعنى الموضوع له اللفظُ، وهذا يعمل على أساسه كلّ الناس في كلّ
زمان ومكان .
وبهذا تعرف
الردود بوضوح على استدلالات الأخباريين رحمهم الله تعالى الذين ادّعوا، هم أيضاً، عدمَ حجيّةِ ظهورات القرآن الكريم إلاّ بعد الرجوع إلى الروايات .
نعم، نعود
ونؤكّد، إنْ كان الظهور واضحاً عرفاً ـ لا مجملاً ـ فهو حجّة، وإلاّ لن يكون
حجّة قطعاً، ومع ذلك لا أحد من شيعة محمد وآل محمد ينكر أنهم عليهم سلام الله هم
العالمون بتمام معاني القرآن، متشابهه ومحكماته ودقائقه، وإلى هذا نظر الروايات، ويحتمل أن يكون نظر بعض الروايات إلى الإفتاء بناءً على الآيات الغير واضحة
المعاني بما يدّعون، أمّا علماءُ الطائفة المحقّة فلا يمكن أن يفتوا من دون
الرجوع أوّلاً إلى الروايات، ليعرفوا المراد والمقصود من الآيات الكريمة .
وهذا ما
تلاحظه في الروايات من قبيل ما رواه علي بن الحسين المرتضى في رسالة ( المحكم
والمتشابه ) نقلاً من تفسير النعماني باسناده عن إسماعيل بن جابر عن الصادق (عليه السلام) قال
: (
..
وإنما هلك الناس في المتشابه لأنهم لم يقفوا على معناه، ولم يعرفوا
حقيقته فوضعوا له تأويلاً مِن عندِ أنفسهم بآرائهم، واستغنوا بذلك عن مسألة
الأوصياء، ونبذوا قول رسول الله (ص)
وراء ظهورهم)
[2] .
ومن قبيل
ما رواه السيد الرضي من خطبة له (عليه السلام) : (
اِنتفعوا ببيان الله،
واتعظوا بمواعظ الله، واقبلوا نصيحةَ الله، فإنّ الله قد أعذر إليكم بالجَلِيَّة، واتّخَذَ عليكم الحُجَّةَ، وبيَّنَ لكم مَحابَّهُ من الأعمال ومَكارِهَهُ منها،
لتتبعوا هذه وتجتنبوا هذه )
[3] .
وكيف لا
يكون ظهور القرآن حجّة وقد كان أئمّتنا (عليه السلام) يستدلون به للشيعة وللعامّة كما لاحظتَ
في قول الإمام (عليه السلام) قبل قليل حينما قال (
وَيْحَكَ يا قتادة، ذلك مَن خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال
يروم هذا البيت عارفاً بحقِّنا، يَهوانا قلبُه، كما قال الله عز وجل [ واجْعَلْ
أفْئِدَةً مِنَ الناسِ تَهْوِي إليْهِمْ ] ولم يَعْنِ البيتَ فيقول "إليه" ) ومئات
الروايات تراها في آيات الأحكام وغيرها من قبيل استنباط الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّ
أقلّ الحمل ستة أشهر من قوله تعالى [
وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ
ثَلاثُونَ شَهْراً ]
[4] وقولِه
[
وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ]
[5]، ومعنى
الفصال هو الفطام، ومن قبيل استدلاله (عليه السلام) بقوله
تعالى [
ما جعل عليكم في الدين من حرج ] على
جواز المسح على الجبيرة
[6] [7]،
ومن قبيل استدلاله بحرف الباء في قوله تعالى [
برؤوسكم]
على الإكتفاء بمسح بعض الرأس
[8] [9]...
إضافةً إلى
أنه كيف يكون القرآنُ مقياساً لنا في تقييم الحديث ـ حينما يعارضُ كتابَ الله ـ
ولا يكون ظهوره حجّةً
[10] [11] ؟!
وكيف يكون
القرآن مقياساً لنا في تقييم الأحاديث ـ حينما تتعارض ويكون حينَها
دليلُنا على صحّة أحدهما دون الآخر هو كتاب الله جلّ وعلا ـ
ولا يكون ظهوره حجّةً ؟!
وكيف يكون
دليلاً لنا على بطلان الشرط المخالف للكتاب ولا يكون ظهوره حجّة
[12] [13] ؟!
وكيف يكون
التمسّك به ـ في
حديث الثقلين ـ
واجباً ونحن الخبراء بالعربية لا نفهمه بحدّ ذاته ؟! إذن لا بدّ من القول بحجيّة
الظهور .