بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/04/18

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: لزوم الموافقة الإلتزاميّة
الأمر الرابع[1] في بحث القطع :

لزوم الموافقة الإلتزاميّة

ويقع البحثُ فيه في نقطتين :

1 ـ وجوب الإلتزام القلبي بالأحكام الشرعية .
2 ـ مانعيّة وجوب الإلتزام القلبي التفصيلي عن جريان الأصول العملية، ومانعية جريان الاُصول العملية عن وجوب الإلتزام القلبي التفصيلي .

   النقطة الاُولىـ لا شكّ ولا خلاف في وجوب التسليم لأحكام دِين الله تعالى والإيمان بها، وهذا من ضروريات الدين ولوازم الإيمان، فليس بحثنا هنا في هذه النقطة المسلّمة، إنما هو في نقطة شبيهة بها وهي : هل يقتضي التكليفُ الواصلُ ـ أي المنجّز ـ حكمين منجّزين في عرضٍ واحدٍ وبنحو التقيّد والإرتباط وهما : وجوب العمل بالتكليف ووجوب الإلتزام القلبي به أيضاً، بحيث إننا لو امتثلناه ولم نعتقد به لم يسقط هذا التكليف الذي امتثلناه، أم أنهما مستقلاّن ـ وسيأتي أنه الحقّ ـ فيسقط الواجب بمجرّد امتثاله حتى من دون الإعتقاد به ؟

   إذن بحثُنا في أنّ الأحكام الشرعية ـ توصّليةً كانت أو عباديّة وواجبةً كانت أو مستحبّة أو محرّمة أو مكروهة ـ المنجّزة الثابتة بالقطع أو بالأمارة أو بالأصل العملي كما تستدعي لزوم الموافقة العمليّة هل تستدعي أيضاً ـ وبنفس الوقت وبعرْضٍ واحد ـ لزومَ الموافقةِ الإلتزاميّة القلبية أيضاً ـ بمعنى لزوم الإيمان القلبي بالحكم ووجوب الإلتزام به والتسليم لحكم المولى اعتقاداً وانقياداً ووجوب الأخذ بهذا الحكم الإلهي، كما هو اللازم في الاُصول الدينية والاُمور الإعتقادية ـ أو  لا ـ وإن كان هذا التسليمُ كمالاً للملتزِم بلا شكّ، وترْكُ التسليمِ نقصانٌ له عن كمال العبودية لكنه لا يوجب تركُه بطلانَ العمل ـ ؟  فلو صلّينا بنيّة القربة إلى الله تعالى وبتمام أجزائها وشرائطها ولم نعتقد بوجوبها شرعاً، هل تسقط هذه الصلاة التي صلّيناها أم لا، وإنما من شرائط الصلاةِ الإتيانُ بها عن اعتقاد بوجوبها ؟
وبتعبير آخر : هل أنّ عدم التسليم القلبي اللازم للتكليف هو إلى حدّ من عدم المبالاة بأحكام المولى تعالى بحيث يوجب هتك المولى عزّ وجلّ في نفس العبد بحيث إنّ الله لا يرضى عملاً إلاّ مقروناً بالإعتقاد به  أم لا ؟
وبكلمة اُخرى : هل دلّ دليلٌ ـ عقلي أو نقلي ـ على أنّ المكلّف لو ترك الواجب مثلاً وكان لا يعتقد بوجوبه ـ من باب الكفر به والعناد ـ فإنه يستحقّ عقابين : على ترك الفعل، وعلى ترك الإلتزام القلبي، أم لم يكن عليه إلاّ عقاب واحد وهو على ترك نفس الفعل ؟ إذن هل أنّ الموافقة العملية متوقّفة الصحّة على الموافقة القلبية ـ بحيث لا يصحّ العمل إلاّ بالموافقة القلبية والإيمان به أي أنّ بينهما ارتباطاً في الصحّة ـ أم أنهما التزامان مستقلاّن عن بعضهما ـ بحيث إنه إن فعلهما استحقّ مثوبتين، وإن تركهما استحقّ عقابين، وإن ِأتى بالعمل من دون الموافقة القلبية والتسليم القلبي استحقّ عقوبةً واحدة ـ ؟
   * فلو صلّى العامّيُّ بين الشيعة، ومن باب الحياء لم يتكتّف ولم يقل آمين فصلّى صلاتنا بتمام أجزائها وشرائطها وبنيّة القربة، لكن غير معتقِدٍ بهذه الكيفية، فهل تسقط عنه أم لا ؟



[1] كان الأمر الأوّل (حجيّة القطع) والأمر الثاني (التجرّي) والثالث (أقسام القطع) ..