الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

37/08/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : إستـثـناءً : تحليل اموال الناس

ورد في روايات التحليل / أواخر كتاب الخمس روايات تفيد تحليل المال الحرام الشائع في أموال الناس من قبيل ما رواه في التهذيـبـين أيضاً بإسناده عن سعد عن أبـي جعفر عن الحسن بن علي الوشّاء عن أحمد بن عائذ (ثقة صالح) عن أبـي سلمة سالم بن مكرم وهو أبو خديجة (ثقة ثقة) عن أبـي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رجل وأنا حاضر : حلِّل لي الفروج ، ففزع أبو عبد الله (عليه السلام) فقال له رجل : ليس يسألك أن يعترض الطريق ، إنما يسألك خادماً يشتريها أو امرأة يتزوّجها أو ميراثاً يصيـبه أو تجارة أو شيئاً أُعطيه ، فقال : ( هذا لشيعتـنا حلال ، الشاهد منهم والغائب ، والميت منهم والحيّ وما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال . أما والله لا يحلّ إلاّ لمن أحللنا له ، ولا والله ما أعطينا أحداّ ذمّة ، وما عندنا لأحد عهد (هوادة ـ خ) ، ولا لأحد عندنا ميثاق [1] ) مصحّحة السند بلحاظ أبـي خديجة فإنه ثقة عندي.

وتفسير هذا الرجل دليل واضح على شياع مشكلة اختلاط الخمس في أموال الناس حتى صارت بديهية وعلى كل لسان، وهي تـفيد أنّ الخمس ينـتقل مع الجواري والأموال ، ورغم ذلك أباح أئمتـنا (عليهم السلام) هذه الأخماس المنـتقلة إلى الشيعة، أي سامحوهم بحقّهم .

هذا ، ولكن السائل زاد في السؤال وعمَّمَ فقال : .. إنما يسألك خادماً يشتريها أو امرأة يتزوّجها أو ميراثاً يصيـبه أو تجارة أو شيئاً أُعطيه ـ وهذا الميراث أو هذه التجارة أو الشيء الذي اُعطيه قد يكون مخلوطاً بثمن الميتة أو الخمر أو ثمن الخنزير أو أجرة المغنيّة أو مأخوذاً بالربا ونحو ذلك من طرق أكل أموال الناس بالباطل ، ورغم ذلك لاحِظْ جوابَ الإمام ـ فقال : (هذا لشيعتـنا حلال ، الشاهد منهم والغائب ... ) ، ولذلك يجب القول بتحليل كلّ مال حرام من القبـيل الذي ذكرناه ـ لا من قبـيل السرقة ـ إذا انـتقل إلى الشيعي ، وإلا فلا يمكن لهم العيش بـِيُسرٍ أبداً . وبتعبير آخر : نحن نعلم أنّ غير الملتـزمين دينيّاً ـ وهم الأكثر الأعمّ من الناس ـ يشترون ما ذكرنا ويكون ثمنُ ذلك سحتاً ، ثم يعطون الأموالَ لغيرهم بشراء سلعة أو مقابل أجار ونحو ذلك ، ثم سوف تصل هذه الأموال إلينا ، فأموالُنا ـ لا محالة ـ مخلوطةٌ بالمال الحرام ، الذي هو سحت ، ورغم ذلك لا ترى أئمّتـَنا (عليهم السلام) يوجبون علينا تخميسَ أموالنا لتحليلها ، وعليه فيكفي سكوتُهم عن وجوب تحليل هذا المال الذي يصلنا من كلّ حدب وصوب للقول بتحليلهم لمال السحت إذا أعطي لشيعتـنا مقابلَ عمَلٍ أو مقابل أجرة ونحو ذلك ، وهناك روايات كثيرة تؤيّد كلامنا هذا فقد روى (1) في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبـيه عن حماد (بن عيسى) عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبـي جعفر (عليه السلام) في رجل كان له على رجل دراهم فباع خمراً وخنازير وهو ينظر فقضاه ؟ فقال : ( لا بأس به ، أما للمقتضى فحلال ، وأما للبايع فحرام )[2] صحيحة السند ، ورواها في يـب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان وفضالة عن العلا عن محمد بن مسلم ، وعن حماد عن حريز عن محمد بن مسلم ، وهي تعني أنّ البـيع حرام تكليفاً ، لا وضعاً ، وذلك للتصريح بصحّة البـيع ، وقوله ـ في السؤال ـ (رجل) مطلق ، يشمل المسلم والكافر.

2 وفي يـب عن الحسين بن سعيد عن ابن أبـي عمير عن (عمر) ابن أذينة عن زرارة عن أبـي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يكون لي عليه الدراهم فيـبـيع بها خمراً وخنزيراً ثم يقضي منها ؟ قال : ( لا بأس ) ، أو قال : ( خُذْها ) صحيحة السند ، وهي تفيد صحّة البـيع حتى ولو كان البائع مسلماً .

3 وفي يـب أيضاً بإسناده عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد (الجوهري واقفي) عن محمد بن يحيى الخثعمي قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يكون لنا عليه الدين فيـبـيع الخمر والخنازير فيقضينا ؟ فقال : ( فلا بأس به ، ليس عليك من ذلك شيء ) ، ويمكن تصحيح السند من باب أنّ الخثعمي يروي عنه ابنُ أبـي عمير كتابَه ويروي عنه في الفقيه مباشرةً ، وهي كسابقاتها في الدلالة .

4 وأيضاً في يـب عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن بحر (كوفي ضعيف مرتفع القول ط جواد) عن (عبد الله) ابن مسكان(فقيه ثقة) عن أبـي بصير قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يكون له على الرجل مال فيـبـيع بين يديه خمراً وخنازير يأخذ ثمنه ؟ قال : (لا بأس ) ضعيفة السند ، وهي أيضاً كسابقاتها في الدلالة .

5 وروى عبد الله بن جعفر في قرب الإسناد قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن العلوي عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر(عليهما السلام) قال : سألته عن رجلين نصرانيين باع أحدهما خمراً أو خنزير إلى أجل ، فأسلما قبل أن يقبضا الثمن ، هل يحلُّ له ثمنُه بعد الإسلام ؟ قال : ( إنما له الثمن ، فلا بأس أن يأخذه )[3] ، ورواها علي بن جعفر في كتابه .

 


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج6، ص379، باب استحباب الصدقة في الليل، ب14، ح4، ط اسلامیة .
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج12، ص171، من أبواب ما يكتسب، ب60، ح2، ط اسلامیة .
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج12، ص172، من أبواب ما يكتسب، ب60، ح2، ط اسلامیة.