الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

37/08/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : إذا نَهَى المولى خادمَه عن الوضوء في سعة وقت الصلاة

مسألة 35 : إذا نَهَى المولى خادمَه عن الوضوء في سعة وقت الصلاة إذا كان مفوتاً لحقه فـتوضأ فإنه لا إشكال في صحّة وضوئه ، رغم أنّ الوقت الذي توضّأ وصلّى فيه هو مُلْكٌ للمستأجِر ، وكذا الزوجة إذا كان وضوؤها مفوتاً لحق الزوج .

لو قال صاحب البنك مثلاً للموظّف عنده : (عليك أن تعمل خلف هذا المكتب من س 8 إلى س 2 مثلاً ولا تتوضّأ وتصلّي في هذا الوقت ، وبعد الساعة الثانية عندك وقت واسع للصلاة) . فذهب الموظّف وتوضّأ وصلّى ، فهو قد عصى مديرَ البنك ، لأنّ هذا الوقت هو مستأجَرٌ فيه للمستأجِر ، لكنْ هل وضوؤه وصلاته صحيحان أم لا ؟

الجواب : هناك احتمالان : الأوّل : القول بـبطلان وضوئه وصلاته بدليل أنّ منفعة بَدَنِ هذا الأجيرِ مملوكٌ للمستأجِر في هذا الوقت ، فهو منهيّ عن التصرّف بـبدنه في غير ما استُؤجِرَ له ، ولذلك فهما مبغوضان ، فضلاً عن وجود أمْرٍ بهما ، على أنّ النهي عن العبادة يقتضي فسادها ، إضافةً إلى صعوبة الإتيان بنيّة القربة إلى الله تعالى في حال الإخلال بشرط العمل .

والثاني : هو القول بصحتهما ، وذلك بالتقريب التالي : اُفرُضْ أنه لا يريد إطاعةَ ربّ العمل ، فهل يَترك وضوءَه وصلاتَه ؟ طبعاً لا ، فإنّ وضوءه وصلاته واجبان في حالة إرادة معصية المولى . وكما يقولون : إنّ وجوب الأهمّ لا يقتضي حرمة المهمّ، ومثّلوا لذلك بمن وجب عليه الإنقاذ ، فذهب وصلّى في سعة الوقت ، فقالوا بصحّة صلاته ، للأمر بها بالأمر الترتّبي . وبتعبير آخر : لا دليل على حرمة وضوئه وصلاته في حال مخالفته لمولاه ـ طبعاً إن تأتّت منه نيّةُ القربة ـ وإنما إطلاق الأمر بهما يقتضي القول بـبقاء الأمر بهما ، لكن العقلُ يحكم أنّ الأمر بهما هو بنحو الترتّب .

والأقوى الثاني كما هو ظاهر ، فإنّه لم يعصِ اللهَ وإنما عصى سيّدَه .