الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

37/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : هل يجوز حمْلُ مشكوكِ التذكية في الصلاة ؟

وأمّا في مسألة حمل مشكوك التذكية في الصلاة فقد روى في يب عن سعد عن أبي جعفر عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى(ثقة واقفي) عن (كتاب الفقيه : ) سماعة قال : سألت أبا عبد الله× عن تقليد السيف في الصلاة فيه الفراء والكيمخت ؟ فقال : ( لا بأس ما لم تعلم أنه مَيتة )[1] ، وفي يب وصا عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : سألته عن أكْلِ الجبن وتقليد السيف وفيه الكيمخت والفراء وذكر مثله ، موثّقة السند ، وهذه الرواية تفيد جواز حمل مشكوك التذكية في الصلاة .

هذا ، ولكنْ صحيحةُ الحِمْيَري التالية تفيدنا أنه يشترط في المحمول أن يكون معلوم التذكية ، لاحِظْ ما رواه في يب بإسناده الصحيح عن محمد بن علي بن محبوب عن عبد الله بن جعفر الحميري القمّي(ط الإمامَين الهادي والعسكري ‘ شيخ القميين ووجههم ثقة ثقة) قال : كتبت إليه يعني أبا محمد ×: يجوز للرجل أن يصلي ومعه فأرةُ المسك ؟ فكتب ( لا بأس به إذا كان ذَكِيّاً )[2] . إذن موضوعُ جوازِ الصلاة في المحمول المشكوك التذكية ـ بناءً على هذه الصحيحة ـ وجوديٌّ وهو (كونه ذكيّاً) ، فإن لم يَثبُت (كونُه ذكيّاً) فلا يجوز حمْلُه في الصلاة ، واستصحاب (عدم التذكية) يثبت (عدم التذكية) ولا يُثْبِتُ العكسَ ، إذن بناءً على صحيحة الحميري : لا تجوز الصلاة في المحمول المشكوك التذكية ، وقد عرفتَ من موثّقة سماعة السابقة جوازَ حمل مشكوك التذكية في الصلاة !! فتعارضا ، ومع التعارض بين موثّقة سماعة وبين صحيحة الحِمْيَري فإنهما تـتساقطان في محلّ الإجتماع بلا شكّ ، فيُرجَعُ إلى أصالة عدم تقييد الصلاة بوجوب أن يكون المحمول مذكّى ، فتجوز الصلاة ح في مشكوك التذكية .

وبتعبير آخر : أنت إذا استصحبت عدم التذكية فأنت لا تـُثْبِتُ أنه (مَيتةٌ) ، لا وجداناً ولا تعبّداً ، أمّا وجداناً فواضح ، وأمّا تعبّداً فأدلّة الإستصحاب لا تنزّلك منزلةَ العالم ولا تنزّل مؤدّى الإستصحابِ منزلة الواقع ، وحتى لو قلنا بتنزيل أدلّة الإستصحابِ الشخصَ منزلةَ العالِمِ فمن المعلوم أنه ليس تنزيلاً مطلقاً كالطهارة الماديّة وإلاّ لجرى الأصل المثبت كما في الأمارة ، ولما وجبت إعادةُ الصلاة فيما إذا عمِلْنا باستصحاب الوضوءِ ثم بعد الصلاة عَلِمْنا بكوننا على الحدث كما هو الحال في قاعدة الطهارة حيث لا تجب إعادة الصلاة . إذن القدرُ المتيقّن هو أنّ أدلّة الإستصحاب تفيد أنّ هذا المحمول المشكوك التذكية هو غير ذكيّ ، لا أكثر، ولا يمكن أن تـُثْبِتَ أنه مَيتة . والمحمول المشكوك التذكية مردّد الأمر بين صحّة الصلاة فيه ـ في موثّقة سماعة ـ وبين عدم صحّة الصلاة فيه ـ في صحيحة الحِمْيَري ـ والمرجعُ أصالةُ عدمِ التقييد المعبّر عنها بأصالة البراءة ، فتصحّ إذن الصلاة بالمحمول المشكوك التذكية .

على أنّ لك أن تحمل قوله × ( لا بأس به إذا كان ذَكِيّاً ) في مقابل الميتة ، لا في مقابل مشكوك التذكية .

 


[1] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج1، ص265.
[2] كلتا الروايتين في وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج3، ص315، أبواب لباس المصلّي، ب41، ط الاسلامية. كلمة (يعني أبا محمد ×) موجودة في يب