بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

37/02/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : يعتبر أن يكون المسح بنداوة الكفّ
مسألة 25 : لا إشكال في أنه يعتبر أن يكون المسح بنداوة الوضوء، فلا يجوز  المسح بماء جديد، والأحوط وجوباً أن يكون بالنداوة الباقية في الكفّ فلا يضع يده بعد تمامية الغسل على سائر أعضاء الوضوء لئلا يمتزج ما في الكف بما فيها .
كثرت الروايات القائلة بوجوب أن يكون مسح الرأس والقدمين بالبلل الموجود في اليد، لا بماء جديد، من قبيل :
1 ـ صحيحة زرارة السابقة ( وتمسح ببلة يمناك ناصيتك، وما بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمنى، وتمسح ببلة يسارك ظهر قدمك اليسرى )[1] .
2 ـ ومثلها أيضاً صحيحة عمر بن أذينة السابقة ( ثم امسح رأسك بفضل ما بقي في يدك من الماء ورجليك إلى كعبيك ... )[2] .
3 ـ ومثلهما صحيحة الفقيه قال : قال الصادقt : ( إن نسيت مسحَ رأسك فامسح عليه وعلى رجليك من بلة وضوئك، فإن لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شيء فخذ ما بقي منه في لحيتك وامسح به رأسك ورجليك، وإن لم يكن لك لحيةٌ فخُذْ من حاجبيك وأشفار عينيك وامسح به رأسك ورجليك، وإن لم يبق من بلة وضوئك شيء أعدت الوضوء )[3] . وعليه، فلا يجوز بماء جديد .
ومن خلال نفس الروايات تعرف وجوب أن يكون المسحُ بالنداوة الباقية في الكفّ، فلا يضع يده ـ بعد تمامية الغَسل ـ على سائر أعضاء الوضوء لئلا يمتزج ما في الكف بماء سائر الأعضاء، بل هذا هو معنى قولهم i( فإن لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شيء فخُذْ ما بقي منه في لحيتك وامسح به رأسك ورجليك، وإن لم يكن لك لحيةٌ فخُذْ من حاجبيك وأشفار عينيك وامسح به رأسك ورجليك)، وإلاّ فلو جاز أخْذُ الماءِ من اللحية أو من الحاجب حتى مع وجود نداوة على اليد لما قال الإمامt (فإن لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شيء ) الصريح في الترتيب الطولي، ويكفينا الروايات السابقة من قبيل ( وتمسح ببلة يمناك ناصيتك ـ أي أن لا تأخذ من سائر أعضاء وضوئك ماءً ـ وما بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمنى، وتمسح ببلة يسارك ظهر قدمك اليسرى ) في القول بعدم جواز أخْذِ ماءٍ من سائر أعضاء الوضوء مع وجود بلل على الكفّين، ومِثْلُها صحيحةُ عمر بن أذينة السالفة الذكر ـ في حديث المعراج  : ( ثم امسح رأسك بفضل ما بقي في يدك من الماء ورجليك إلى كعبيك ... )[4] .
   ورغم وضوح المطلب قال السيد اليزدي في العروة بأنّ الأقوى جواز أن يأخذ ماءً من سائر أعضاء وضوئه حتى وإن كان على يده نداوةٌ !! ونُسِب ذلك إلى جمع !! والظاهر أنّ دليلهم هو إطلاق الآية والروايات لا غير، مِن قبيل مرسلة الشيخ المفيد(توفّي 413 هـ ق) في الإرشاد عن محمد بن إسماعيل(بن بزيع ط : ظم ضا د) عن محمد بن الفضل(لم أعرفه) أنّ علي بن يقطين كتب إلى أبي الحسن موسى tيسأله عن الوضوء فكتب إليه أبو الحسن tـ إلى أن قال ـ : ( واغسل يديك من المرفقين، كذلك وامسح بمقدم رأسك وظاهرَ قدميك من فضل نداوة وضوئك .. )[5] (مرسلة السند وضعيفة)، فإذا أخذتَ من ماء سائر أعضاء الوضوء فقد أخذتَ ( من فضل نداوة وضوئك .. ).
   فمع صريح الطائفة السابقة بما نقول لا يمكن التمسّكُ بإطلاق هذه الرواية الأخيرة ونحوِها، ولا أقلّ من لزوم التمسّك بأصالة الإشتغال .



[1]  وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 1، ص 272، أبواب الوضوء، ب 15، ح 2، ط الاسلامية..
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 15، ص 274، أبواب الوضوء، ب 15، ح 5، ط الاسلامية..
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 1، ص 288، أبواب الوضوء، ب 21، ح 8، ط الاسلامية..
[4]  وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 15، ص 274، أبواب الوضوء، ب 15، ح 5، ط الاسلامية..
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 1، ص 312، أبواب الوضوء، ب 32، ح 3، ط الاسلامية.