بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

37/02/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : يجوز مسح القدمين نكساً
ويجزي الإبتداء بالأصابع وبالكعبين، أي يجوز النكسُ في مسْحِ القدمَين، وذلك لعدّة روايات منها :
 1 ـ روى في الإستبصار بإسناده الصحيح عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن العباس عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن أبي عبد اللهt قال : ( لا بأس بمسح الوضوء مقبلاً ومدبراً ) ثم قال ـ أي الشيخ الطوسي في الإستبصار : (فهذا الخبر مخصوص بمسح الرجلين لأنه يجوز استقبالهما واستدبارهما )[1] صحيحة السند .
 ورواها نفسَها في التهذيب بنفس السند تماماً وبنفس النصّ ـ أي بإسناده الصحيح عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن العباس بن معروف عن محمد بن أبي عمير عن حمّاد بن عثمان ـ عن أبي عبد اللهt قال : ( لا بأس بمسح الوضوء مقبِلاً ومدبِراً )[2] .
هذا، ولكنه رواها في نفس التهذيب في مكان آخر ـ بعد 56 حديثاً ـ بنفس السند أيضاً ولكن بكيفيّةٍ اُخرى قال : (وأخبرني الشيخ أيده الله تعالى قال أخبرني أحمد بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن العباس عن محمد بن أبي عمير عن حَمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللهt قال : ( لا بأس بمسح القدمين مُقْبِلاً ومُدْبِراً ) [3](إنتهى) صحيحة السند، وهو نفس السند السالف الذكر، والمظنونُ جدّاً صحّةُ ما رواه في التهذيبين، لا ما رواه مرّة اُخرى في خصوص التهذيب، واحتمالُ تعدّدِ الرواية ضعيف .
وكيفما كان فسواءً كان الصحيح هو (الوضوء) أو (القدمين) كان المعنى جواز المسح نكساً على القدمين .
 2 ـ وروى في الكافي عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد (بن يحيى بن عمران الأشعري) عن محمد بن عيسى عن يونس(بن عبد الرحمن) قال : أخبَرَني مَن رأى أبا الحسنt بمِنى يمسح ظهر القدمين من أعلى القدم إلى الكعب، ومن الكعب إلى أعلى القدم، ويقول : ( الأمرُ في مسح الرجلين موسَّع، مَن شاء مَسَحَ مقبِلاً، ومن شاء مسح مدبِراً فإنه من الأمر الموسَّع إن شاء الله ) ضعيفة السند .
ولك أن تتمسّك بإطلاق الأمر بالمسح الوارد في الآية الكريمة والروايات السالفة الذكر .
ولا يضرّنا ما رواه في الكافي عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد(بن عيسى أو ابن خالد) عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضاt قال : سألته عن المسح على القدمين كيف هو ؟ فوضع كفّه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم[4]، ومثلُها الوضوءاتُ البيانية، فإنّ الفعل أعمّ من الحَصر بالكيفية المذكورة، فإنّ الطريقة المذكورة هي الطريقة المشهورة والأسهل، ولم يقل الإمام t المسحُ فقط هكذا .
وبعد الذي قلناه لا محلّ للأخذ بأصالة الإشتغال .
ولذلك اشتهر جداً القولُ بجواز النكس في مسح القدمين، بل لا دليل على كراهة النكس في مسح القدمين فنبقى على الرجحان الذاتي لقولهt ( لا بأس بمسح القدمين مقبِلاً ومدبِراً )، بل يجوز مسح إحدى الرجلين مقبلاً والثانية مدبراً .
 وإن كان المسح من الأصابع إلى الكعبين هو الأرجح لكثرة ما ورد في الروايات البيانية من كون المسح من الأصابع إلى الكعبين .
 كما أن الأحوط تقديم الرجل اليمنى على اليسرى، وإن كان الأقوى جواز مسحهما معاً، وذلك لما رواه في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزّاز(ثقة كبير المنزلة، إسمُه إبراهيم بن عثمان وقيل إبراهيم بن عيسى) عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللهt ـ في حديث ـ قال : وذكر المسح فقال : ( اِمسحْ على مقدم رأسك وامسح على القدمين، وابدأْ بالشقّ الأيمن )[5] صحيحة السند .
وروى أحمد بن علي بن العباس النجاشي في ( كتاب الرجال ) عن أبي الحسن التميمي عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني(المعروف بـ إبن عقدة جليل القدر عظيم المنزلة ثقة ثقة إلاّ أنه كان زيدياً جاروديّاً وعلى ذلك مات) عن علي بن القاسم البجلي(مهمل) عن علي بن إبراهيم المعلى عن عمر بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين عن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله (ابن العرزمي) بن أبي رافع ـ وكان كاتب أمير المؤمنينt ـ أنه كان يقول : (إذا توضأ أحدكم للصلاة فليبدء باليمنى ( باليمين ) قبل الشمال من جسده )[6] ضعيفة السند .
ولكنها معارَضةٌ بما رواه أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي(توفي حوالي 550 هـ ق) في الإحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحِمْيَري عن صاحب الزمان rأنه كتب إليه يسأله عن المسح على الرجلين بأيهما يبدأ باليمين، أو يمسح عليهما جميعاً معاً ؟ فأجابt : ( يمسح عليهما جميعاً معاً، فإن بدأ بإحديهما قبل الأخرى فلا يبدأ إلا باليمين )[7].



[1] الإستبصار، ج 1، ب 32، باب النهي عن استقبال الشعر في غسل الأعضاء، ح 169، بلحاظ كلّ أحاديث الكتاب، وح 2 بلحاظ نفس الباب، ص 57..
[2] التهذيب، ج 1، باب صفة الوضوء، ح 161 بلحاظ كلّ أحاديث الكتاب، وح 10 بلحاظ نفس الباب  ص 58..
[3] التهذيب، ج 1، باب صفة الوضوء، ح 217 بلحاظ كلّ أحاديث الكتاب، وح 66 بلحاظ نفس الباب  ص 83..
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 1، ص 293، أبواب الوضوء، ب 24، ح 4، ط الاسلامية..
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 1، ص 294، أبواب الوضوء، ب 25، ح 1، ط الاسلامية..
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 1، ص 316، أبواب الوضوء، ب 34، ح 4، ط الاسلامية.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 1، ص 316، أبواب الوضوء، ب 34، ح 5، ط الاسلامية..