الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

36/12/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الشكوك في الوضوء

مسألة 7 : إذا شك في أن الشعر محيط أم لا ، يجب الإحتياط بغسله مع البشرة397 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

397 وذلك للشكّ في تحقّق الإمتثال . وبتعبير آخر : ورد في صحيحة زرارة السابقة : قال قلت له : أرأيت ما كان تحت الشعر ؟ قال : ( كل ما أحاط به الشعر فليس على العباد أن يغسلوه ولا يبحثوا عنه ، ولكن يجري عليه الماء )[1] أي على الشعر ، وكذا في موثّقة زرارة السابقة ( إنما عليك أن تغسل ما ظهر )[2] ، فلو كان هناك حاجب تحت الشعر ، وشككنا في كون الشعر محيطاً بالحاجب ، بحيث شككنا في لزوم إزالته ، وغَسْلِ نفسِ البشرة أيضاً ، فلا شكّ أننا لم نعلم بإحاطة الشعر بهذا الحاجب ، أي لم نعلم بتحقّق الشرط المذكور في الرواية ـ وهو إحاطة الشعر بالبشرة ـ وبالتالي نحن نشكّ في تحقّق الوضوء ، فلا شكّ إذن في وجوب إزالته قطعاً ، لأنّ الإشتغال اليقيني يستدعي ـ عقلاً ـ الفراغَ اليقيني . نعم ، إذا ثبت تحقّق شرط الرواية ـ وهو إحاطة الشعر بالبشرة ـ حينها لا يجب غَسْلُ نفس البشرة . فإذا علمت ما نقول فلا يصحّ حينئذ القول بأنّ الشكّ في وجوب غسل البشرة هو شكّ بدْويّ ، والأصل ح هو البراءة .

* * * * *

مسألة 8 : إذا بقي في الحد شيءٌ لم يغسل ولو مقدار رأس إبرة لا يصح الوضوء ، فيجب أن يلاحِظ المتوضّئُ أطرافَ عينيه398 ، لا يكون عليها شيء من العَمَش أو الكحل المانع ، وكذا يلاحظ حاجبَه لا يكون عليه شيء من الوسخ ، وأن لا يكون على جـِفْنِ المرأة كِحْلٌ له جرم مانع ، ولا يكون على أظافرها ما يعرف في بلادنا بـ ( المَناگِير) . ولا يحسنُ الوسوسةُ في ذلك ، فإنه لا يجب البحث إن لم يكن وجود هكذا موانع معتدّاً به عند العقلاء .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

398 لا شكّ في وجوب غسل كلّ الأعضاء الثلاثة ، فلو لم نغسل بعضَها لم يتحقّق الغسل المطلوب .

* * * * *

مسألة 9 : إذا تَيَقَّنَ بوجود ما يشك في مانعيته ـ كالحبر الكثير ـ فإنه يجب تحصيل اليقين العرفي ـ بمعنى الإطمئنان والوثوق فقط ـ بزواله ، ليتحقّق العلم بوصول الماء إلى البشرة ، ولو شك في أصل وجود الحاجب فإنه يجب الفحص حتى يحصل الإطمئنان بعدمه ، أمّا لو كان شكّه غير مُعْتَنَى به عند العقلاء فلا يجب الفحصُ 399.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

399 لا شكّ في لزوم تحقّق العِلْمِ بوصول الماء إلى البشرة ، وإلاّ فالأصل العدمي يقتضي عدم وصول الماء ، وهذا ما يعبّرون عنه بأصالة (الإشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني) وهو أصل عقلي واضح . فإذا عرفت هذا تعرفُ عدمَ صحّة ما قد يقال من أصالة عدم الحاجبيّة أو عدم الحاجب ، فإنّ الواجب شرعاً تحصيلُ العلم بتحقّق الغسل الكامل للأعضاء الثلاثة . وأمّا أصالة عدم الحاجبيّة أو عدم الحاجب فلا توصل الماء إلى البشرة ، ولا تقتضي ـ شرعاً ـ وصول الماء إلى البشرة ، إلاّ إذا قلنا بالأصل المثبت ، وهو باطل بلا شكّ . وبيان كون الأصل مثبتاً هنا هو أنّ أصالة عدم الحاجبيّة تثبت عدم الحاجبيّة تكويناً ، إذن فقد وصل الماء إلى البشرة !

وقد ورد هذا الأمر في بعض الروايات ، فقد روى في الكافي عن محمد بن يحيى عن العمركي(بن علي بن محمد البوفكي النيشابوري شيخ من أصحابنا ثقة) عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهم السلام) قال : سألته عن المرأة عليها السوار والدملج في بعض ذراعها لا تدري يجري الماء تحته أم لا ، كيف تصنع إذا توضأت أو اغتسلت ؟ قال : ( تحركه حتى يدخل الماء تحته أو تنزعه ) ، وعن الخاتم الضيّق لا يدري هل يجري الماء تحته إذا توضأ أم لا ، كيف يصنع ؟ قال : ( إن عَلِم أن الماء لا يدخله فليخرجْه إذا توضأ ) صحيحة السند .


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص335، أبواب الوضوء، ب46، ح2، ط الاسلامية.. والظاهر أنّ حمّاد بن عيسى رواها عن حريز بن عبد الله عن زرارة بن أعين، كما في طريق الصدوق إلى زرارة، حيث روى الصدوقُ نفسَ هذه الرواية بسنده إلى زرارة، وقد ذكر طريقه إلى زرارة مارّاً بـحَريز . راجع مشيخة الصدوق / طريقه إلى زرارة
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج2، ص1032، أبواب الوضوء، ب24، ح7، ط الاسلامية.