الموضوع : مستحبّات
الوضوء
مسألة 6 : إذا كان للوضوء غايات متعددة ـ واجبة
أو مستحبّة ـ
فقصد الجميعَ حصل امتثال الجميع وأثيب عليها كلها، وإن قصد البعض حصل الإمتثال
بالنسبة إلى خصوص المقصود ويثاب عليه، لكن يصح بالنسبة إلى الجميع، لأنّ الحدث ـ
كما
قلنا قبل قليل ـ
قد ارتفع، فلو قصد الفريضة فله أن يصلّي النافلةَ، وكذا لو قصد النافلةَ فله أن
يأتيَ بالفريضة383.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(383) أمّا
صحّة الإتيان بكلّ ما نوى ـ من
فريضة ونافلة وطواف وصلاة طواف وغير ذلك ـ فلأنه متوضّأ، ولا مانع من
أن يأتي بكلّ ما تشترط فيه الطهارة .
وأمّا
ترتّب الثواب على فعل واحد بعدّة نيّات فهو لأنّ الثواب يترتّب على النيّة، وهذا
قد نوى عدّة نيّات مشروعة، فالمقتضي للثواب ـ وهو الإمتثال والنيّة ـ
موجود، والمانع مفقود، ومقدار الثواب راجع إلى النيّة، فللشخص الذي نوى عدّة
نيّات مشروعة عدّة ثوابات لأنه قصد كلّ تلك الأفعال، فلو قصد الحجّ ولم يحجّ
لمانع فقد استحقّ الثواب عقلاً ـ إذا كان العمل مستحبّاً ـ أو مَنّاً
ـ إذا
كان العمل واجباً ـ وهذا أمر لا أظنّ وجود مخالف فيه .
( فَصْلٌ في
بعض مستحبات الوضوء )
الأول : أن
يكون بمد وهو 738 غ تقريباً .
الثاني : الإستياك
بأي شيء كان، ولو بالإصبع، والأفضل عود الأراك .
الثالث : قيل
ويستحبّ وضْعُ الإناء الذي يغترف منه على اليمين، ولم أرَ دليلاً عليه384.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(384) يستحبّ
أن يكون الوضوء بمدّ، كما هو مذهب علمائنا، كما عن المنتهى والتذكرة، وذلك لصحيحة
[1]
زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) : (
كان رسول الله (ص) يتوضأ بمد، ويغتسل بصاع، والمد رطل ونصف، والصاع ستة أرطال )
[2] .
والصاع هو 2948,5 غرام، والمد هو 738 غ تقريباً كما أفاد الشيخ ابراهيم سليمان في
كتابه (الأوزان والمقادير) ص 57، والمسألة تقريبيّة لأنهم قالوا بأنّ الصاع هو
أربعة أمداد، فعليه يجب أن يكون المدّ 737,12 غراماً .
وفي صحيحة
أبي بصير ومحمد بن مسلم عنه (عليه السلام) : (
كان رسول الله (ص) يغتسل بصاع من ماء، ويتوضأ بمد من ماء
)
[3]،
ومثلهما في ذلك غيرهما .
والمعروف أنّ
الصاع هو أربعة أمداد، بل هو قول العلماء كافة، كما عن المنتهى، بل إجماعاً كما
عن الخلاف والغنية وظاهر التذكرة وغيرها وهو المصرح به في صحيح زرارة المتقدم .
لكن في موثق سماعة : (
إغتسل رسول الله (ص) بصاع، وتوضأ بمد، وكان الصاع على عهده خمسة أمداد )
[4]،
ونحوه خبر المروزي . إلا أنه لا مجال للإعتماد عليهما في قبال ما عرفت .
لا شكّ ولا
خلاف في استحباب الإستياك قبل الوضوء، كما في الحدائق . وفي صحيح معاوية بن عمار
: (
وعليك بالسواك عند كل وضوء )
[5]
ونحوه غيره . والسواك مطلق، فهو إذن يشمل السواك الإصطناعي المعاصر الموجود في
بيوت الناس اليوم . وعن علي بن إبراهيم باسناده : (
أدنى
السواك أن تدلكه بإصبعك )
[6]
. وفي رواية السكوني : إن رسول الله (ص) قال : (
التسوك بالإبهام والمسبحة عند الوضوء سواك )
[7]. ولا شكّ في
استحباب أن يكون السواك من شجر الأراك، فعن مكارم الأخلاق : (
وكان (ص)يستاك بالأراك، أمره بذلك جبرئيل [8](عليه
السلام) )، وعن الرسالة الذهبية : (
واعلم يا أمير المؤمنين أن
أجود ما استكت به ليف الأراك، فإنه يجلو الأسنان، ويطيب النكهة ويشد اللثة
ويسمنها، وهو نافع من الحفر إذا كان باعتدال .. )
[9].