بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/07/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : يُكره حبْسُ البولِ والغائط
  مسألة 1 : يكره حبْسُ البولِ والغائط، وقد يكون حراماً إذا كان مُضِرّاً، وقد يكون واجباً كما إذا كان متوضئاً ولم يسع الوقت للتوضؤ بعدهما والصلاة ـ طبعاً في صورة عدم الضرر ـ، وقد يكون مستحباً كما إذا توقف مستحب أهم عليه 366 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 366 روى في الفقه الرضوي : ( إذا هاج بك البولُ فَبُلْ )، وفي الرسالة الذهبية : (من أراد أن لا يشتكي مثانتَه فلا يحبسِ البولَ ولو على ظهر الدابة )[1] . ولا شكّ في حرمة الإضرار بالنفس . وأمّا بالنسبة إلى حبس الغائط فقد قال لي طبيب متخصّص بأنّ الصبر على البول خطير لأنه قد يصيب بالإلتهابات في المثانة وفي كلّ المسالك البوليّة، وقد تصل الخطورة إلى الكلى أيضاً، وأمّا في الغائط فالخطورة من الصبر على الغائط قليلة وضعيفة الإحتمال، فيمكن الصبر عليه أكثر من البول بكثير .
   وقد يجب الصبر على التبوّل إن كان وقت الفريضة ضيّقاً ولم يكن الصبر كثيراً ومضرّاً ضرراً معتدّاً به، فليس كلّ ضرر حراماً، وإنما الحرام هو المعتدّ به عقلائيّاً .
   وقد يكون الصبر مستحبّاً أيضاً كما لو أراد أن يزور أحد المعصومين (عليهم السلام) أو يريد أن يصلّي نافلة ولا يضرّه الصبر، فيستحبّ ح الصبر حتى ينجز المستحبّات .

  مسألة 2 : يستحب البول حين إرادة الصلاة، وعند النوم، وقبل الجماع، وبعد خروج المني، وقبل الركوب على الدابّة إذا كان النزول والركوب صعباً عليه، وقبل ركوب السفينة إذا كان الخروج صعباً 367 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 367 ما ذكره اُمورٌ عقليّة محضة، وقد دلّت عليها بعض الروايات، فعن الخصال : قال أمير المؤمنين للحسن ابنه (عليهم السلام) : ( يا بُنَي، ألا أعَلِّمُك أربعَ خصال تستغني بها عن الطب ؟ ) فقال (عليه السلام) : ( بلى، يا أمير المؤمنين )، فقال (عليهم السلام) : ( لا تجلُسْ على الطعام إلا وأنت جائع، ولا تَقُمْ من الطعام إلا وأنت تشتهيه، وجَوِّدِ المضْغَ، وإذا نُمْتَ فاعْرِضْ نفسَك على الخلاء )[2] .
   وعن الفقيه : دخل أبو جعفر الباقر (عليه السلام) الخلاءَ فوجد لقمة خبز في القذر، فأخَذَها وغَسَلَها ودفعَها إلى مملوك معه وقال : ( تكون معك لآكلها إذا خرجتُ )، فلَمّا خرج (عليه السلام) قال للمملوك : ( أين اللقمة ؟ )، فقال : أكلتُها، يا ابن رسول الله، فقال (عليهم السلام): ( إنها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة، فاذهب فأنت حُرٌّ، فإنّي أكره أن أستخدم رَجُلاً من أهل الجنة )، وقريب منه ما عن العيون عن الحسين بن علي (عليهما السلام)، وبهذا المضمون حكي عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، لكن فيه أنه (عليه السلام) وجد تمرة[3] . ولكنْ يجب حمْلُ هذه الروايات على ما لا ينافي الأخلاق الإنسانية، كأنْ نحملَها على أنها لم تكن في النجاسة، وأنّ نحملها على استحباب احترام النعمة، وعلى لزوم تعليم الاُمّة على ذلك ...
   وأيضاً في مَن لا يحضره الفقيه : ( من ترك البول على أثر الجنابة أوشكَ تردُّدُ بقيةِ الماء في بدنه فيورثه الداءَ الذي لا دواء له )[4]، وفي الجعفريات عن عليّ (عليه السلام)قال : قال رسول الله (ص السلام): ( إذا جامع الرجل فلا يغتسل حتى يبول مخافة أن يتردد المنيُّ فيكون منه داءٌ لا دواء له )[5].
   على كلّ حال، فما ذكره في المتن موافق للطبّ وللعقل . ولا بأس بالقول باستحباب ما ذُكِر، ولو من باب قاعدة التسامح في أدلّة السنن .
 ( فَصْلٌ في موجبات الوضوء ونواقضه )
وهي أمور :
الأول والثاني : البول والغائط سواءً كان من الموضع الأصلي أو من غيره، نعم الرطوبات الأخر غير البول والغائط الخارجة من المخرجين ليست ناقضة، وكذا الدود أو نوى التمر ونحوهما إذا لم يكن متلطخاً بالعذرة.



[1] الموسوعة الفقهية، دائرة المعارف الفقهية، ج6، ص120.
[2]  مستمسك العروة الوثقى، السيد محسن الطباطبائي الحكيم، ج2، ص250.
[3] مستمسك العروة الوثقى، السيد محسن الطباطبائي الحكيم، ج2، ص250.
[4] تنقيح السيد الخوئي، ج3، ص470.
[5] تنقيح السيد الخوئي، ج3، ص470.