بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/03/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الثالث من المطهرات الشمس

الثالث من المطهّرات الشمس : وهي تطهر الأرضَ وغيرَها مِن كل ما لا ينقل كالأبنية والحيطان وما يتصل بها من الأبواب والأخشاب والأوتاد، وكذا ما على الحائط والأبنية مما طلي عليها من جص وقير ونحوهما عن نجاسة البول، بل سائر النجاسات والمتنجسات، ولا تطهر من المنقولات إلا الحصر والبواري فإنها تطهرهما أيضاً على الأقوى، والظاهر أن السفينة والطرادة من غير المنقول، وفي الگاري ونحوه إشكال، وكذا مثل الچلابية والقفة، ويشترط في تطهيرها أن يكون في المذكورات رطوبة مسرية، وأن تجففها بالإشراق عليها، بلا حجاب عليها كالغيم ونحوه ولا على المذكورات، فلو جفت بها من دون إشراقها ولو بإشراقها على ما يجاورها أو لم تجف أو كان الجفاف بمعونة الريح لم تطهر، نعم الظاهر أن الغيم الرقيق أو الريح اليسيرة على وجه يستند التجفيف إلى الشمس وإشراقها لا يضر، وفي كفاية إشراقها على المرآة مع وقوع عكسه على الأرض إشكال 300.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 300 وذلك على المشهور، ويدلّ عليه روايات مستفيضة، وهذا ما رأيتُه منها :
1 ـ ما رواه في الفقيه بإسناده الصحيح عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلى فيه ؟ فقال : ( إذا جَفَّفَتْه الشمسُ فصَلِّ عليه فهو طاهر )[1] صحيحة السند .
2 ـ ما رواه في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن حماد عن حريز عن زرارة وحديد بن حكيم الأزدي(ثقة وجه متكلّم) جميعاً قالا قلنا لأبي عبد الله (عليه السلام) : السطح يصيبه البول أو يبال عليه يصلَّى في ذلك المكان ؟ فقال : ( إن كان تصيبه الشمس والريح وكان جافّاً فلا بأس به إلا أن يكون يتخذ مبالاً )[2] صحيحة السند .
3 ـ وفي التهذيبين بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن العمركي(بن علي بن محمد البوفكي النيشابوري شيخ من أصحابنا ثقة) عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال : سألته عن البواري يصيبها البول هل تصلح الصلاة عليها إذا جفت من غير أن تغسل ؟ قال : ( نعم، لا بأس)[3] صحيحة السند .
4 ـ وفي التهذيبين أيضاً بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال : سئل عن الموضع القذر يكون في البيت أو غيرِه فلا تصيبه الشمس، ولكنه قد يبس الموضع القذر ؟ قال : ( لا يصلَّى عليه، وأعلم موضعه حتى تغسله )، وعن الشمس هل تطهر الأرض ؟ قال : ( إذا كان الموضع قذراً من البول أو غير ذلك فأصابه الشمس، ثم يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة، وإن أصابته الشمس ولم ييبس الموضع القذر وكان رطباً فلا يجوز الصلاة حتى ييبس، وإن كانت رجلك رطبة وجبهتك رطبة أو غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر فلا تصل على ذلك الموضع حتى ييبس، وإن كان غيرُ الشمس أصابه حتى ييبس فإنه لا يجوز ذلك )[4] موثّقة السند . في نسخة الإستبصار (غير الشمس) وفي نسخة التهذيب (عين الشمس)، وهي نسخة مخالفة لنفس هذه الرواية ومخالفة لكلّ الروايات، فلا عبرة فيها كما قال عدّة من علمائنا .
5 ـ وفي التهذيبين بإسناده عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عثمان بن عبد الملك(مهمل) عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر (عليه السلام)  قال : ( يا أبا بكر، ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر )[5] ضعيفة السند، وفي نصّ آخر لنفس الرواية وبنفس السند ( كل ما أشرقت عليه الشمس فهو طاهر )[6].
  وتعارضُ كلَّ هذه الروايات ما رواه في التهذيبين بإسناده الصحيح عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألته عن الأرض والسطح يصيبه البول وما أشبهه، هل تطهر الشمس من غير ماء ؟ قال : ( كيف يطهر من غير ماء )[7] مضمرة السند .
  قال الشيخ : المراد أنه لا يطهر ما دام رطباً إذا لم تجففه الشمس، واستدل بتصريح حديث عمار . وقال الحرّ العاملي : يحتمل الحمل على التقية لأنه قول جماعة من العامة .


[1] وسائل الشيعة، الحرالعاملي، ج2، ص1042، من أبواب النجاسات، ب29، ح1، ط الاسلامية.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج2، ص1042، من أبواب النجاسات، ب29، ح2، ط الاسلامية.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج2، ص1042، من أبواب النجاسات، ب29، ح3، ط الاسلامية.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج2، ص1043، من أبواب النجاسات، ب29، ح4، ط الاسلامية.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج2، ص1043، من أبواب النجاسات، ب29، ح5، ط الاسلامية.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج2، ص1043، من أبواب النجاسات، ب29، ح6، ط الاسلامية.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج2، ص1043، من أبواب النجاسات، ب29، ح7، ط الاسلامية.