بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/02/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : لا يجب غسل الثوب والبدن المتنجّسين بالبول مرّتين
   مسألة 1 : لا يجب غسل الثوب والبدن المتنجّسين بالبول مرّتين، إنما يكفي زوال النجاسة فقط، ولا يجب الدلك أو العصر إن علمنا بزوال النجاسة، ذلك لأنّ المهم في التطهير هو زوال النجاسة لا أكثر، فلو غُسِلت الثيابُ مثلاً في الغسّالة التمام اُوتوماتيك فإنه يكفي في طهارة الثياب زوالُ النجاسة 283 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 283 يكفي زوالُ النجاسة عن الثوب والبدن من دون حاجة إلى تعدّد الغسلات، حتى ولو اُضيف إلى ماء الغسّالة أدوية الغسيل وبعض المعقّمات، فإنه أحسن في إزالة النجاسات .
  وقال جماعة يجب التعدّد في غسل البدن والثياب المتنجّسة بالبول، واستدلّوا على هذا بالروايات التالية :

1 ـ روى في يب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن العلاء(بن رزين) عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال : سألته عن البول يصيب الثوب ؟ قال : ( اِغسلْه مرتين)[1] صحيحة السند .

   ورواها في يب أيضاً بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن السندي بن محمد عن العلا عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن الثوب يصيبه البول ؟ قال : (اِغسلْه في المركن مرتين، فإن غسلته في ماء جار فمرة واحدة )[2] صحيحة السند .

2 ـ وأيضاً في يب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن حماد بن عثمان عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن البول يصيب الثوب، قال : ( اِغسلْه مرتين)[3] صحيحة السند .
3 ـ وروى في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلا قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن الثوب يصيبه البول ؟ قال : ( اِغسلْه مرتين)[4] مصحّحة السند .

   ولك أن تستدلّ بالأولويّة من غسل البدن، فإن وجب غسل البدن من البول مرّتين، وهو الذي تزول عنه النجاسة بسرعة أكبر من الثوب، فلا شكّ ـ بالاَولوية ـ أن يغسل الثوب مرّتين، وهذه هي الروايات :

4 ـ ففي الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلا(له كتبٌ يُعَدّ بعضُها في الاُصول، عنه ابن أبي عمير وصفوان، كان أوجَهَ إخوتِه، ثقة عندي) قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن البول يصيب الجسد ؟ قال : ( صُبَّ عليه الماءَ مرتين )[5] مصحّحة السند .

5 ـ وروى في يب عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد(بن عيسى وعلى احتمال ضعيف ابن خالد) عن علي بن الحكم(ثقة جليل القدر) عن أبي إسحاق النحوي(ثعلبة بن ميمون فقيه ثقة) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن البول يصيب الجسد ؟ قال : ( صُبَّ عليه الماءَ مرتين )[6] صحيحة السند .

6 ـ وروى محمد بن إدريس في آخر السرائر نقلاً من كتاب النوادر لأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : سألته عن البول يصيب الجسد ؟ قال : ( صُبَّ عليه الماءَ مرتين، فإنما هو ماء )[7] .

 وقال في فقه الرضا : (وان أصابك بول فاغسله من ماء جار مرة، ومن ماء راكد مرتين ثم اعصره) .

  وقال السيد الخوئي : ( أَسنَدوا في الحدائق ومحكي المدارك وغيرهما التعدّدً في غسل المتنجّس من البول إلى الشهرة مطلقاً . وقيّدها في الجواهر بـ "بين المتأخرين"، وعن المعتبر أنه مذهب علمائنا، وعن الشهيد في البيان عدم وجوب التعدّد إلا في إناء الولوغ، وعنه في ذكراه اختيارُ التعدّد ناسباً إلى الشيخ في مبسوطه عدم وجوب التعدّد في غير الولوغ . وقد استظهر القولَ بذلك عن العلامة في جملة من كتبه، ولكنه في المنتهى ذهب إلى التفصيل بين صورتَي جفافِ البول وعدمه بالإكتفاء بالمرة في الصورة الأُولى دون الثانية . وعن صاحبَي المدارك والمعالم الإكتفاء بالمرة في البدن دون الثوب، هذا هو المهم من أقوال المسألة .
  أمّا ما ذهب إليه الشهيد في البيان والعلامة في جملة من كتبه من كفاية الغسل مرّة واحدة ـ في غير الولوغ ـ فلم يقم عليه دليل فيما نحن فيه سوى الأخبار الآمرة بغسل ما أصابه البول من غير تقييده بمرّتين .
   على أن هذه الأخبار غير واردة في مقام البيان من ناحية عدد الغسلات، بل إنما وردت لبيان أصل الوجوب .
  إضافةً إلى أنها على تقدير كونها مطلقةً لا بد من تقييدها بالمرّتين على ما دل عليه غير واحد من الأخبار .
   ولعل نظرهم من الإكتفاء بالمرة الواحدة إلى أن الغسلة الأولى للإزالة والثانية للتطهير، ولو بدعوى استفادة ذلك من المناسبات المركوزة بين الحكم وموضوعه، فمع زوال العين لا حاجة إلى تعدد الغسلتين .
  وهذا الإحتمال وإن كان أمراً معقولاً في نفسه إلا أنّ الظاهر من الأخبار الآمرة بالغسل مرتين أن للغسلتين دخالةً في التطهير، لا أن إحداهما من باب الإزالة كما ادعى، ومن الجائز أن تكون الغسلة الأولى موجبة لحصول مرتبة ضعيفة من الطهارة لتشتد بالثانية ولا يكون الأمر بها لمجرد الإزالة حتى يكتفى بمطلقها . ثم قال إنه في غير الثوب والبدن يكفي المرّة الواحدة جموداً على النصوص، بعد احتمال وجود خصوصية في الثوب والبدن ) [8].(إنتهى باختصار) .

  أقول : ذكرنا دليلَنا على هذا الأمر ـ بتفصيل وتطويل ـ من الروايات وغيرها في أوّل هذا الكتاب، ولن نعيد كلّ ما ذكرناه هناك رغم الفائدة الكبيرة فيه، وذَكَرْنا أنّ ابن أبي عقيل والسيد المرتضى والفيض الكاشاني يقولون بكفاية زوال عين النجاسة والقذارة، وإنّ الأمر بالتعفير في ولوغ الكلب في الإناء ما هو إلاّ إرشاداً إلى عدم حصول صغرى زوال النجاسة .
   وهذه بعض أدلّتنا على ما نقول :
1 ـ الدليل القرآني : قال الله تعالى ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ)[9] وهذا صريح في جواز الأكل من طعامهم ما عدا ذبائحهم، مع أنهم لا يهتمون إلاّ بإزالة آثار النجاسات بشكل فطري .

   بتعبير آخر : إنك تستفيد من قوله تعالى ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ) أنّ أهل الكتاب مع أنهم يساورون النجاسات كالمسلمين ـ أقصد أنهم يُجرَحون ويَخرُجُ منهم الدمُ ويُحْدِثون بالأخبثَين بل ويأكلون المَيتة وو ـ ومع ذلك أجاز لنا اللهُ تعالى الأكلَ من طعامهم، وما ذلك إلاّ لأنهم يزيلون النجاسات عن أوانيهم، مع أنهم يزيلونها بشكل عرفي .



[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 2، ص 1001،  من أبواب النجاسات،  ب 1، ح 1، ط الاسلامية . .
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 2، ص 1002،  من أبواب النجاسات،  ب 2، ح 1، ط الاسلامية..
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 2، ص 1001،  من أبواب النجاسات،  ب 1، ح 1، ط الاسلامية ..
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 2، ص 1001،  من أبواب النجاسات،  ب 1، ح 4، ط الاسلامية..
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 1، ص 242،  من أبواب أحكام الخلوة،  ب 26، ح 4، ط الاسلامية..
[6] المصدر السابق  ح 4..
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 1، ص 243،  من أبواب أحكام الخلوة،  ب 26، ح 9، ط الاسلامية..
[8] لا يزال هذا الكلام للسيد الخوئي، التنقيح : ج 4، مسألة 4، ص 29..
[9] سورة المائدة : 5 .