بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/08/07

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: إذا كان ناسياً فالأقوى وجوب الإعادة أو القضاء مطلقاً
   (243) إذا كان ناسياً فالأقوى وجوب الإعادة أو القضاء مطلقاً، سواءً تذكّر بعد الصلاة، أم تذكّر في أثنائها، وسواءً تمكّن من التطهير أو تمكّن من إلقاء ثوبه، وذلك على المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع في الغنية وشرح الجمل للقاضي ابن البرّاج . وعن السرائر نفي الخلاف فيه إلاّ من الشيخ في الإستبصار خاصّة . والنصوص فيه مستفيضة،
1 ـ فقد روى في التهذيب بإسناده عن الحسين(بن سعيد) عن حمّاد(بن عيسى) عن حريز عن زرارة قال : قلت أصاب ثوبي دمُ رُعافٍ أو غيره أو شيءٌ من منيّ، فعلَّمْتُ أثرَه إلى أن أصيب له الماء، فأصبتُ وحضرتِ الصلاةُ ونسيت أنّ بثوبي شيئاً وصَلَّيْتُ، ثم إني ذكرت بعد ذلك ؟ قال : ( تعيد الصلاة وتغسله )([1]) ورواها الصدوق في عِلَل الشرائع عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام)مثله، صحيحة السند .
2 ـ وفي الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أصاب ثوبَه جنابةٌ أو دم ؟ قال : ( إن كان قد عَلِمَ أنه أصاب ثوبَه جنابةٌ أو دَمٌ قبل أن يصلِّيَ ثم صلَّى فيه ولم يَغْسِلْه فعليه أن يعيد ما صَلَّى، وإن كان لم يعلم به فليس عليه إعادة ) صحيحة السند .
3 ـ وفي التهذيبين بإسناده عن الحسين بن سعيد عن (محمد)ابن سنان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : ( إن أصاب ثوب الرجل الدم فصلى فيه وهو لا يعلم فلا إعادة عليه، وإن هو علم قبل أن يصلي فنسي وصلى فيه فعليه الإعادة ) مصحّحة السند، لكون محمد بن سنان ثقة عندنا لعدّة قرائن .
4 ـ وروى عبد الله بن جعفر الحِمْيَري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن(من نسل الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب مجهول)  عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)قال : سألته عن الرجل احتجم فأصاب ثوبه دم فلم يعلم به حتى إذا كان من الغد، كيف يصنع ؟ فقال : ( إن كان رآه فلم يغسله ـ والقدر المتيقّن أنه لم يغسله نسياناً ـ فليقضِ جميعَ ما فاته على قدر ما كان يصلي ولا يَنقُصُ منه شيءٌ، وإن كان رآه وقد صلَّى فليعتدَّ بتلك الصلاة ثم ليغسله )([2]) ضعيفة بعبد الله بن الحسن، وإن كانت تُظَنّ قوياً وثاقتُه .
5 ـ وفي التهذيبين بإسناده عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى(ثقة واقفي) عن سَماعة(بن مِهْران ثقة) قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن الرجل يرى في ثوبه الدمَ فيَنسَى أن يَغْسِلَه حتى يُصَلّي ؟ قال : (يُعيد صلاتَه كي يهتم بالشيء إذا كان في ثوبه، عقوبةً لنسيانه )([3]) موثّقة السند .
6 ـ وفي التهذيبين أيضاً بإسناده عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان(موثّق عندي) عن ابن مسكان : قال بعثت بمسألة إلى أبي عبد الله (عليه السلام)مع إبراهيم بن ميمون(مجهول) قلت : سَلْهُ عن الرجل يبول فيصيب فَخْذَهُ قَدَرَ نُكْتَةٍ مِن بَوله فيُصَلّي ويذكر بعد ذلك أنه لم يغسلها ؟ قال : ( يغسلها ويعيد صلاته)([4])، ورواها الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد مثله، والسندان مصحّحان عندي، وذلك لأنّ الشيخ الصدوق روى عنه في الفقيه مباشرةً، وقد قال بأنه إنما روى روايات كتابه من الكتب التي إليها المرجع وعليها المعوّل، فيقتضي الأمر أن يكون صاحب الكتاب الذي إليه مرجع الشيعة وعليه معوّلهم ثقة، ويمكن تصحيحها أيضاً على مبنانا بصحّة روايات الكافي مع عدم تكذيب أحد رواة السند .
7 ـ وأيضاً في التهذيبين بإسناده عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن أبيه والحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة قال : توضأت يوما ولم أغسل ذكري ثم صليت فسألت أبا عبد الله عليه السلام فقال : ( اِغسلْ ذكرَك واَعِدْ صلاتَك )([5]) صحيحة السند، ورواها الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير مثله .
8 ـ وأيضاً في التهذيبين بإسناده الصحيح عن محمد بن الحسن الصفار عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى قال : حدثني عمرو بن أبي نصر(السكوني، هو عمرو بن زيد وقيل زياد، ثقة له كتاب) قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أبول وأتوضأ وأنسَى استنجائي ثم أذكر بعدما صليت ؟ قال : ( اِغسلْ ذكرَك واَعِدْ صلاتَك ولا تُعِدْ وضوءَك )([6]) .
   هذا، ولكن رواها في التهذيبين أيضاً بإسناده عن سعد بن عبد الله عن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة عن العباس بن عامر القصباني عن المثنَّى(بن الوليد)الحنّاط(لا بأس به) عن عمرو بن أبي نصر قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إني صليت فذكرت أني لم أغسل ذكري بعدما صليت، أفأعيد ؟ قال : ( لا )([7]) مصححة السند . ولكن بما أنّ النقلَين متغايران تماماً، فإننا يجب أن نلقي بالمخالِفة لمشهور الروايات .

   هذا وقال السيد محسن الحكيم في مستمسكه ما يلي : (هذا وربما نُسِبَ إلى الشيخ القول بالصحة ونفي الإعادة، وظاهر المعتبر الميل إليه، وفي المدارك الجزم به، ووافقه عليه غيره .).(إنتهى) .
   ويستدلّ على ذلك بما رواه في التهذيبين بإسناده الصحيح عن عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن الحسن بن محبوب عن العلاء(بن رزين القلاّء) عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : سألته عن الرجل يصيب ثوبه الشيء ينجسه فيَنسَى أن يغسله فيصلي فيه، ثم يذكر أنه لم يكن غسله، أيعيد الصلاة ؟ قال : ( لا يعيد، قد مضت الصلاة وكتبت له )([8]) صحيحة السند .
   أقول : يجب طرح هذه الرواية لشذوذها ومعارضتها للروايات المشهورة السابقة .



[1] وسائل الشيعة – الاسلامية – الحر العاملي : ج 2 ب 7 من أبواب النجاسات  ح 2  ص 1006..
[2] ترى هذه الروايات الستّة في وسائل الشيعة – الاسلامية – الحر العاملي : ج 2  ب 40 من أبواب النجاسات  ص 1059..
[3] وسائل الشيعة – الاسلامية – الحر العاملي : ج 2  ب 42 من أبواب النجاسات  ح 5  ص 1064..
[4] نفس المصدر السابق  ح 4..
[5] وسائل الشيعة – الاسلامية – الحر العاملي : ج 1  ب 18 من أبواب نواقض الوضوء  ح 7  ص 209..
[6] وسائل الشيعة – الاسلامية – الحر العاملي : ج 1  ب 18 من أبواب نواقض الوضوء  ح 3 ص 208..
[7] وسائل الشيعة – الاسلامية – الحر العاملي : ج 1  ب 18 من أبواب نواقض الوضوء  ح 6 ص 209..
[8] وسائل الشيعة – الاسلامية – الحر العاملي : ج 2  ب 42 من أبواب النجاسات  ح 3  ص 1063..