بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/07/21

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: فَصْلٌ في [ الصلاة في النجس ]
   إذا صلَّى في النجس فإن كان عن علم وعمد بطلت صلاته، وكذا إذا كان عن جهل بالنجاسة من حيث الحكم بأن لم يعلم أن حكم الموضوع الكلّي للشيء الفلاني نجس شرعاً، أو عن جهل بشرطية الطهارة للصلاة .

وذلك لوضوح الروايات في ذلك، الظاهرة في الجهل الموضوعي، لا الجهل الحُكْمي، وكذا سائرُ الروايات، ولذلك اشتهرت الفتوى بذلك . إذن إطلاقُ الروايات يقتضي أنه لا فرق في العالم بالنجاسة بين أن يكون عالماً بالحكم الشرعي أو جاهلاً به، وصرح العلامةُ بأن "الجاهل بالحكم عامد، لأنّ العلم ليس شرطاً للتكليف" .
   أقول : لا شكّ أنه مع إطلاق الروايات تفهم أنّ الجاهل بالحكم يجب عليه الإعادة، حتى ولو كان جهله عن قصور، وذلك لعدم الدليل على إجزاء هذا العمل الناقص عن الكامل، والأصلُ عدمُ الإجزاء . ولك أن تقول إنّ الإشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني . هذا ولكن لك أن تقول : إنّ كلامك هذا يصحّ في الوقت لوضوح عدم حصول الإمتثال التامّ، المقتضي لبقاء المكلف في العهدة، أو قل الأصلُ عدمُ الإجزاء، أمّا إن خرج وقت الفريضة فما هو الدليل على وجوب القضاء ؟ وأنت تعلم أنّ وجوب القضاء هو بأمر جديد وأيضاً أنت تعلم أنّ الأصلَ عدم وجوب القضاء إلاّ بدليل، ولا دليل على وجود هذا الأمر الجديد . الجواب مشكل جداً، وذلك للظنّ بكون وجوب القضاء وليدَ فوتِ الفريضة في وقتها، فلا يتجرّأ الفقيه بإجراء البراءة عن وجوب القضاء .
   فإن قلتَ : أمّا الروايات فناظرةٌ إلى الجهل الموضوعي، وليست ناظرةً إلى الجهل الحكمي، والأصلُ ـ في حال الجهل الحكمي ـ عدمُ تقيّد الصلاة بالطهارة . إضافةً إلى حديث (لا تعاد)[1] [2] وذلك لأنّ المنصرف إليه من قوله (عليه السلام) "الطهور" في الحديث هو الطهور من الحدث، أي الوضوء وأخويه، وعليه فلا تعاد الصلاة .
   قلتُ : هذا الكلام صحيح ومتين، لكن مع ذلك يُحتمَلُ كونُ المطلوب متعدّداً، أي أنّ المطلوب اثنان : (الصلاة عن طهارة) و(كونها في الوقت)، فإن فات الوقت، بقي المطلوب الأوّل وهو الإتيان بالصلاة عن طهارة، ومع هذا الإحتمال لا يتجرّأ الفقيهُ على الإفتاء بعدم وجوب القضاء مع الصلاة بالنجاسة عالماً بوجودها.. على أيّ حال فلا شكّ أنّ المسألة مشكلة، والأحوط لزوم القضاء أيضاً .
   نعم لا كلام في أنه يستحقّ العقاب فيما لو احتمل اشتراط الطهارة، وذلك لتكليفه عقلاً وشرعاً بلزوم السؤال والبحث والفحص، لكن ليس كلامنا في استحقاق العقاب .



[1] رواها الشيخ الصدوق في الخصال عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (عليهم السلام) أنه قال : ( لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود. ) صحيحة السند.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 4، ص683، أبواب أفعال الصلاة، باب1،  ح 14، ط الاسلامیه.