بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/03/27

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: نظرةٌ مختصرة في تعداد المسوخات

نظرةٌ مختصرة في تعداد المسوخات :
وبمناسبة ذِكْرِ المسوخاتِ يَحْسُنُ أن نذكرَها من دون ذِكْرِ رواياتها وأسانيدها لأننا لسنا بصدد الإستدلال، إنما نذكرها بمناسبة حديثنا عن طهارة المسوخات ولما رواه في الكافي عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن (الحسن)ابن محبوب عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام)ـ في حديث ـ قال : ( وحرم الله ورسوله المسوخ جميعاً )، ورواه الشيخ في يب بإسناده الصحيح عن الحسن بن محبوب عن سماعة عن الرضا، مثله . إذن سنقتصر على تعدادها فقط كما ورد في الروايات : هي الكلاب والخنازير والفيل والدبّ والفأرة واليربوع (هو الفأرة الكبيرة تكون في الصحراء) والذئب والثعلب والأرنب والوَبْر (دويبة كالسنور لكنها أصغر منه وهي قصيرة الذنب والأذنين وقيل لا ذنب لها، ولها مثل إلية الخروف، وقيل هي بنات عرس) والضَبّ (دُوَيْبة معروفة من الحيوانات، طول ذنبها حوالي شبر أو أقلّ، تشبه الوَرَل، لكنَّ الوَرَلَ طويلُ الذنب كأنّ ذنبه ذنب حيّة، ورُبّ وَرَلٍ يزيدُ طولُ جسمه على 90 سنتم) والوَرَل (على خِلْقَة الضبّ) والقرد والقنفذ . والطاووس والخفّاش (أي الوطواط) والعنقاء[1]والدبى والمهرجل (الدبا والمهرجل نوعان من الجراد) . والجرّيّ (نوع من السمك النهري الطويل المعروف بالحنكليس ويدعونه في مصر ثعبان الماء وليس له عظم اِلاّ عظم الرأس والسلسلة) والجرّيث[2]وهو المارماهي (هي كلمة فارسية، وبالعربية تسمّى حيّة الماء) والزمّير أو الزمّار (نوع من السمك له شوك ناتئ على ظهره، وأكثر ما يكون في المياه العذبة)، والتمساح والسلاحف والضفادع والسرطان (أي السلطعان باللهجة اللبنانية وهو عقرب الماء، له ثمانية أرجل، وعيناه في كتفه وصدره، يمشي على جانب واحد) والدعموص(هي دويبة تكون في مستنقع الماء وفي الغدران وتغوص فيها) وسهيل والزهرة (سهيل والزهرة دابّتان من دَوابّ البحر وقيل غير ذلك) والعقرب والوزغ والعنكبوت والبعوض والقمّل والزنابير (أي الدبّور باللهجة اللبنانية) .

   أقول : رُوِيَ أنّ المسوخ لم تبق أكثر من ثلاثة أيام وأنّ هذه مَثَلٌ لها فنهى اللهُ عزّ وجلّ عن أكلها، وروى المفضل ( وأما لحم الخنزير فإنّ الله تعالى مسخ قوماً في صور شتى شبه الخنزير والقردة والدب وما كان من المسوخ، ثم نهى عن أكله للمِثْلَة، لكي لا ينتفع الناس بها ولا يستخَفّ بعقوبتها ) .

   مسألة 2 : كل مشكوك طاهرسواء كانت الشبهة لاحتمال كونه من الأعيان النجسة، أو لاحتمال تنجسه مع كونه من الأعيان الطاهرة. والقولُ بأنّ الدم المشكوكَ كونُه من القسم الطاهر أو النجس محكومٌ بالنجاسة ضعيفٌ، نعم يستثنى مما ذكرنا الرطوبة الخارجة بعد البول قبل الإستبراء بالخرطات، أو بعد خروج المني قبل الإستبراء بالبول فإنها مع الشك محكومة بالنجاسة.

لا شكّ ولا خلاف في تشريع قاعدة الطهارة وفي ثبوتها وأنها من بديهيات الدين، بل نحن ندّعي أصالة الطهارة حتى تثبت النجاسةُ، فلا داعي لأنّ نذكر ما قاله السيد محسن الحكيم في مستمسكه من روايات قال : (مِن قبيل موثق عمار المروي في أبواب النجاسات من ئل عن التهذيب عن أبي عبد الله (عليه السلام) : ( كل شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر، فإذا علمت فقد قذر، وما لم تعلم فليس عليك )[3]، وفي خبر حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عن عليّ (عليهم السلام): ( ما اُبالي أبَولٌ أصابني أو ماءٌ إذا لم أعلم)[4]، هذا ومقتضى إطلاق الأول عدم الفرق بين الشبهة الموضوعية والحكمية، وبين النجاسة الذاتية والعرَضية، كما أشار إليه في المتن)(إنتهى) .

   المهم هو أنه لا شكّ في جريان قاعدة الطهارة سواء في الشبهات الحكمية أو الشبهات الموضوعية، طبعاً إلاّ أن يحكم على هذه القاعدة حاكم أقوى منها من قبيل مجيء أمارة حجّة تفيد النجاسة أو أصل عملي حاكم كاستصحاب النجاسة .

وذلك لقاعدة الطهارة في الشبهات مصداقية، بعد عدم وجود عموم بنجاسة طبيعي الدم .
نعم، في الدم المرئيّ على فم الطائر الجارح يجب الحكم ـ على الأحوط وجوباً ـ بنجاسته، وذلك لكونه غالباً من دم الميتة التي يصطادها ويأكلها، فقد روى في الكافي عن أحمد بن ادريس ومحمد بن يحيى جميعاً عن محمد بن أحمد(بن يحيى) عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضّال عن عمرو بن سعيد عن مصدّق بن صدقة عن عمّار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سُئِل عمّا تشرب منه الحمامة ؟ فقال : ( كُلُّ ما اُكِل لحمُه فتوضّأ من سؤره واشرب منه، إلاّ أن ترى في منقاره دماّ، فإنْ رأيتَ في منقاره دماً فلا توضّأ منه ولا تشرب )، وعن ماء شَرِبَ منه باز أو صقر أو عقاب ؟ فقال : (كلّ شيء من الطير يُتوضّأ ممّا يَشرب منه، إلاّ أن ترى في منقاره دماً، فإن رأيت في منقاره دماً فلا تتوضّأ منه ولا تشرب )[5] موثّقة السند .



[1] قالوا : العنقاء أعظمُ طائرٍ في العالَم يُشْبِهُ الخفّاشَ، وكِبَرُهُ أشبهُ بالأساطير، وقد انقرض منذ القِدَم، فهو معروف الإسم، مجهولُ الجسم، وسمّيت عنقاء لطُول عُنُقِها ولأنّ في عنقها بياضاً كالطَوق، وفيها من كل لون، وهو طائر غريب كان يَبِيضُ بيضاً كبيراً جداً، وقالوا عنقاء مغرب .، وقيل أيضاً : هو طائر عند مغرب الشمس، وقيل : هو طير الأبابيل، وكانت تعيش في الجبال وتنقض على الطير فتأكلها .
[2] الجرّيث كلمة عربية، ويقولون عنه بالفارسية مارْماهِي، وهو ضرب من السمك يشبه الحيّات، قالوا والظاهر أنّ الجرّي هو الجريث، وفي مكاسب السرائر هما اثنان، وهو موافق لبعض كتب اللغة، وعن ابن عباس وقد سُئِل عن الجريث فقال : هو نوع من السمك .يشبه المارماهي .
[3] رواها في التهذيب بإسناده الصحيح عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضّال عن عمرو بن سعيد عن مصدّق بن صدقة عن عمّار الساباطي، وهي موثقة السند ..
[4] رواها في الفقيه مرسلةً، ورواها في التهذيبين بإسناده الصحيح عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي جعفر.أحمد بن محمد بن عيسى بن عبد الله عن أبيهشيخ القميين ووجه الأشاعرة عن حفص بن غياثقال الشيخ في الفهرست له كتاب معتمد، وقال في العدّة "عملت الطائفةُ بما رواه فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافُه" عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليه السلام، فهي بالتالي مصحّحة السند .
[5] وسائل الشيعه الشيخ الحر العاملي، ج1، ص166، أبواب الأسآر من كتاب الطهارة، ب4، ح2، ط الاسلامية .