وإليك سائر
الروايات :
1 ـ فقد
روىفي
التهذيب بإسناده الصحيح عن الحسين بن سعيد عن (أخيه)الحسن عن زرعة(بن
محمد الحضرمي ثقة واقفي) عن سَماعة(بن مِهْران
ثقة) قال
: سألته عن جلود
السباع ينتفع بها ؟ قال : (
إذا
رَمَيْتَ وسَمَّيتَ فانتفع بجلده، وأما المَيتة فلا ) موثّقة السند، ولا
يضرّ إضمارُها بعد الوثوق بكون المسؤول هو الإمام (عليه السلام)، والمظنون قوياً
ـ بحسب سياق روايات التهذيب ـ أنه الإمام الصادق(عليه السلام)، ويحتمل ضعيفاً أن
يكون الإمام أبا إبراهيم(أي الكاظم) (عليه السلام) . وفي الكافي عن عدة من
أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : سئل أبو عبد
الله (عليه السلام) عن جلود السباع فقال : ( ا
ِركبوها،
ولا تلبسوا شيئاً منها تُصَلّون فيه )، فترى الإمام (عليه السلام) يذكر
الجلود أو التذكية في الروايات من دون تعرّض لنجاسة الدم المتخلّف فيها، ومن دون
تعرّض للزوم دباغة جلدها، وتركُ الأمر هكذا من دون تنبيه فيه شيء من التضليل،
وحاشا لأئمّتنا (عليهم السلام) ذلك .
2
ـ وروى عبد الله بن جعفر الحِمْيَري في (قرب الإسناد) عن عبد الله بن الحسن(بن
الحسن بن عليّ بن أبي طالب مجهول) عن جدّه علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه
السلام) قال
: سألته عن لبس السَّمُّور والسنجاب والفَنَك، فقال : (
لا يُلبَس ولا يصَلَّى فيه إلاّ أن يكون ذكيّاً ) ضعيفة
بعبد الله بن الحسن . أي (
لا يُلبَس إلاّ أن يكون ذكيّاً ) وذلك
لأنه طاهر .
3 ـ وفي الكافي عن علي بن محمد(بن عبد الله القمّي، مهمل) عن عبد الله بن إسحاق
العلوي(مهمل) عن الحسن بن علي(بن سليمان، مهمل) عن محمد بن سليمان(بن عبد الله)الديلمي
عن علي بن أبي حمزة(البطائني) قال : سألت أبا عبد الله وأبا الحسن (عليه
السلام) عن
لباس الفراء والصلاة فيها فقال : (
لا
تصلِّ فيها إلاّ ما كان منه ذكيّاً )،
قلت : أوَليس الذكِيُّ مما (ما ـ ظ) ذُكِّيَ بالحديد ؟ قال : (
بلى، إذا كان ممّا يؤكل لحمُه )،
قلت : وما لا يؤكل لحمه من غير الغنم ؟ قال : (
لا بأس بالسنجاب فإنه دابّة لا تأكل اللحم، وليس هو مما نهى عنه
رسول الله (ص)، إذ نهى عن كل ذي ناب ومخلب) ضعيفة
السند إلاّ أن تقول بصحّة روايات الكافي المسندَة .
4 ـ وقد
ينفعنا ما رواه في التهذيب بإسناده عن علي بن أسباط(ثقة ثقة) عن أبي مخلد السراج(لم
يوثّق لكن يروي كتابه ابن أبي عمير) قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه
السلام) إذ
دخل معتب فقال : بالباب رجلان، فقال : (
أدخلهما )
فقال أحدهما : إني سراج أبيع جلود النمر، فقال : (
مدبوغة هي ؟ )
قال : نعم، قال : (
ليس به بأس )،
ورواها الكليني عن بعض أصحابنا عن علي بن أسباط مثله
[1].
5 ـ وروى
في التهذيب بإسناده عن الحسين بن سعيد أيضاً عن عثمان بن عيسى(ثقة واقفي) عن
سَماعة(بن مِهْران) قال : سألته عن لحوم السباع وجلودها فقال : (
أمّا لحوم السباع والسباعِ من الطير والدوابّ فإنّا نكرهه، وأمّا
الجلود فاركبوا عليها ولا تلبسوا شيئاً منها تصلّون فيه ) موثّقة السند
[2] .
*
مسألةٌ : لا شكّ
ولا خلاف في طهارة الدم الذي كان آيةً لنبيّ الله موسى (عليه السلام)
[3]،
والدمِ الذي نزل من السماء بعد مقتل الإمام الحسين (عليه السلام)
[4]
ـ على القول بنزوله ـ والدم الذي ينزل من بعض الأشجار، على أنّ الأخير ليس دماً
وإنما هو مائعٌ لونُه أحمر، وأمّا ما ادّعاه ابنُ عبّاس من أنه "يومَ قُتِلَ
الإمامُ الحسين (عليه السلام) لم يُرفع حجرٌ إلاّ وُجِدَ تحته دمٌ" فلم أرَه
في روايةٍ عن أحد المعصومين (عليهم السلام) رغم
كثرة الروايات عنهم (عليهم السلام) في بكاء
السماء والأرض على الإمام الحسين (عليه السلام)، وأمّا الدمُ الأوّل الذي كان آية
لموسى (عليه السلام) على قومه فإن كان دماً حقيقةً ـ أي كريات حمراء وبيضاء
وبلازما وو ـ فهو أيضاً طاهرٌ لعدم كونه دماً مسفوحاً من ذي نفس سائلة .
المهم هو
أنّ ما
كان من غير الحيوان هو طاهر بلا شكّ، وذلك لأنه ليس من الحيوان ذي النفس السائلة، لا، بل المذكورات ليست من الحيوان أصلاً، والطهارةُ مقتضى الأصل أيضاً .
مسألة 1 :
العلقة المستحيلة من المني نجسة ـ على الأحوط وجوباً ـ من إنسان كانت أو من
غيره، حتى العلقة في البيض، والأحوط الإجتناب عن النقطة من الدم الذي يوجد في
البيض، لكن إذا كانت في الصفار وعليه جلدة رقيقة لا ينجس معه البياض، إلا إذا
تمزَّقت الجلدة.[5]
ذكرنا فيما
سبق أنه يبعد البناءُ على طهارة العلقة المستحيلة من المنيّ، لأنّ حالتها السابقة
كانت النجاسة، بل هي الآن أشبه ما تكون بالدم، وقذارتُها واضحة، وإن كان للنقاش
في نجاستها مجال، وحُكْمُنا هنا مبنيّ فقط على الذوق الفقهي وعلى قذارتها العرفية، وإلاّ فلا دليل على النجاسة إلاّ ادّعاء الإجماع في الخلاف، وكذا ادّعى اتفاقَ
الأصحاب على النجاسة في الذخيرة والكفاية والبحار وشرح المفاتيح، وهو ليس بحجّة
لعدم كاشفيّته عن رأي المعصومين (عليهم السلام) .
وتأمّل في
النجاسة الشهيد الأوّل والأردبيلي، وفي كشف اللثام لم يستبعد الحكم بالطهارة،
ومثله قال السيد الحكيم في مستمسكه . لا بل نسب العلاّمةُ الطباطبائي في منظومته
الطهارةَ إلى المعظم !! بل جزم في الحدائق بالطهارة وذلك لأصالة الطهارة بعد عدم
ثبوت عموم في نجاسة الدم .
ولا شكّ في
وجود تردّد في الأمر، وفي التجرّؤ على إجراء أصالة الطهارة في هكذا حالة،
فالأحوط وجوباً اعتبارها نجسةً .