بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/01/15

بسم الله الرحمن الرحیم

   مسألة 15 : الجُنْد المعروف كونه خصية كلب الماء إن شُكّ في كونه من أجزاء الحيوان واحتمل أنه من النباتات أو الجمادات فهو طاهر وحلال، وإن علم كونه من أجزاء الحيوان فلا إشكال في حرمته، ومحكوم بالنجاسة للظنّ بكونه ممّا له نفس سائلة، وأيضاً مع الظنّ بكونه خصية كلب الماء الأحوط وجوباً اعتباره حرام الأكل أيضاً .[1]

الجُنْد كلمةٌ فارسية أصلها ( گُنْدْ )، يقولون ( گُنْدِ بِيْدَسْتَرْ) وهو خصية كلب الماء . ومعلوم أنّ المراد بالظن هو الإحتمال الذي يزيد عن الخمسين بالمئة، وهو في هكذا موارد ليس بحجّة شرعاً، ولكن ـ مع ذلك ـ يجب الإحتياط عقلاً لشدّة الأهمية خاصةً مع الظنّ القوي بكونه من كلب الماء .
     قال الشيخ عبد النبي النجفي العراقي في كتابه المعالم الزلفى في شرح العروة الوثقى : (الجُنْد المعروف كونه خصية كلب الماء  قال حكيم مؤمن في تحفته بعد ذِكْرِ اَنّ الكلب بريّ ومائيّ وأهليّ، واَنّ البري هو ابن آوى المسمى بالفارسية بشغال، قال : واَمّا المائي فـ بَحْرِيّ أو نهري، قال : اَمّا الكلب النهري فيكون على مقدار جثة الهرة بل أكبر منه ويتواجد في الأنهار، والجُنْدْ يؤخذ منه[2]). اِنتهى . ولكنْ في (حياة الحيوان) اَنه يعيش في البرّ، وفي مازندران يوجد منه كثير، وخِصْيَتُهُ مهمة عند الأطباء لفوائد مهمة، واِنّ ذلك الحيوان يُصطاد ويؤخذ جُنْدُه ويتركونه على حاله ويعيش بلا خصية، وهو يعرف اَنّ الصياد خصم لخصيته فقط، فلو ابتُلِيَ المجبوبُ منه بالصياد مرة أخرى ينام ويرفع قوائمَه إلى السماء ليَرى الصيادُ اَنّه مجبوب فيدعه على حاله، وبالفعل يراه الصيادُ فيتركه . وهو على قدر الكلاب . وكيفما كان، لمّا كانت خصيتُه المعروفة بـ (جُنْدْ) محل الإبتلاء كثيراً، تعرض الماتن لحالها . وقيل بأنه لا يؤخذ من الحيوان أبداً لا المائي ولا غير المائي، والماتن ليس جازماً بما حررنا، ولذا قال اِنّ لم يُعلم بأنه خصية ذلك الكلب وكان على شك في ذلك واحتُمِلَ عدمُ كونِه من أجزاء الحيوان وأنه شيء آخر : اِمّا من النبات وإمّا من الجماد وعليه فيكون طاهراً وحلالاً لجريان أصالة الطهارة والحلية وذلك واضح، واِنْ عُلِمَ كونُه من أجزاء الحيوان وأنه يُقطع منه فلا إشكال في حرمته لعدم وقوع التذكية عليه ولو كان حيوانه قابلاً لوقوعها عليه فبناء عليه انه جزء مبان من الحي، وكلُّ ما كان كذلك فهو حرام سواء كان مما له نفس سائلة أم لا إلا فيما قام الدليل على جوازه كما في الجراد فإنه يجوز أكله وأكْلُ جزئِه حيّاً أو لعدم صدق الجزء عليه عرفاً فيكون أخ البثور وأمثال البثور لكنه محكوم بالطهارة وميتة ما لا نفس سائلة له طاهرة"(إنتهى) .
   وقال السيد الخوئي : "يقال : (  إنه مادة تستعمل في طبخ بعض الحلويات . وعلى أي حال فإن لم يعلم أنه خصية الكلب حقيقة ـ وإن سُمّيَ بهذا الإسم كما يقولون (لسان الثور) ـ فلا اِشكال في حلّيّته وطهارته، وأما إذا علمنا أنه خصية كلب الماء حقيقة فيحكم بطهارته أيضاً، لما تقدم من أن ميتة الحيوانات البحرية طاهرة، لأنها مما لا نفس له، ولا أقل من الشك في أن لكلب الماء نفساً سائلة أو  لا، ولا مناص معه من الحكم بطهارة ميتته، نعم يحرم أكلها حينئذ، لأن كلب الماء محرم الأكل ولا سيما الخصية منه فإنها محرمة وإن كانت مما يؤكل لحمه)(إنتهى) .
   وقال السيد المرعشي النجفي في تعليقته على العروة الوثقى في هذه المسألة (لا ريب أن له نفساً سائلة كما يظهر من كتب مهرة علم الحيوان)، ولم يعلّق أحدٌ على كلام السيد اليزدي في هذه المسألة !  
   وقال الشيخ حسين الحلّي بأنه يستعمل في بعض الأمراض .
   على أيّ حال فمدرك حكمهم بالطهارة والحلية في صورة عدم العلم بأن الجند خصية كلب الماء هو قاعدتا الطهارة والحلية الجاريتان في موارد الشك في هكذا شبهات موضوعية .
   واَمّا في صورة العلم بأنه هو خصية كلب الماء فلا إشكال في حرمته لحرمة حيوانه كما ذكره+، إذ ما ليس على صورة السمك من أنواع حيوان الماء لا خلاف بين أصحابنا في تحريمه، ولكنه ليس بنجس، وذلك لأننا لا نعلم أن له نفساً سائلة حتى تنجس ميتته، بل ادُّعِيَ أن جميع حيوانات البحر مما لا نفس سائلةَ لها .
   هذا، ولكن بناءً على نقلتُ وما نقله الشيخ عبد النبي النجفي من أنّ الجُنْد يؤخذ من الكلب النهري، وأنّ خِصْيَتَهُ مهمة عند الأطباء لفوائد مهمة وو وما ذكره السيد المرعشي النجفي من أنّ له نفساً سائلة وو كان لا بدّ للفقيه من أن يحتاط وجوباً بحرمته ونجاسته




[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج1، ص 134، ط جامعة المدرسین.
[2]قال الشيخ محمد تقي الآملي في كتابه ( مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى ) نقلاً عن حكيم مؤمن "... در رودخانه ها پيدا ميشود وجُنْدْ از أو حاصل ميشود وحقير مشاهده نمودم كه در إيروان صيادى جُنْدْ را از آن قطع كرده بود. .." .