مسألة
9
: السِقط من الإنسان والحيوان(
[1])
قبل ولوج الروح نجس، وكذا الفَرخ في البيضة(106) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(106)
لا شكّ في نجاسة السِقط بعد ولوج الروح، وهو في الإنسان بعد إتمام الشهر
الرابع، وإنما الكلام في نجاسة السِقط قبل ولوج الروح فأقول : أُدُّعيت الشهرة
على نجاسته، لا بل ادُّعي الإجماع أيضاً، والمسألة غيرُ مُعَنْوَنةٍ في كتب
القدماء فلا فائدة من ادّعاء الإجماع هنا لأنه غير كاشف عن رأي المعصومين (عليهم
السلام).
* واستَدَلّ
بعضُهم على نجاسته بأنّ كلّ ما هو غيرُ مذكّى من لحوم سِقْطِ الأنعام وشحومها
وجلودها يكون مَيتة، ويدل على هذا الحصر مفهومُ قولِه (عليه السلام) (
ذكاةُ الجنين ذكاةُ اُمِّه )(
[2]) إذ
يستفاد منه أنّه إذا لم تُذَكَّ الأمُّ يكون السِقط مَيتة .
وفيه : أنّ
الرواية المذكورة منصرفة بوضوح إلى الجنين الذي ولَجته الروح الحيوانية، وذلك
لأنّ أكْلَ السِقطِ الذي لم تلجه الروح حرام بلا شكّ ولا خلاف حتى ولو ذُكِيَتْ
اُمّه، وعليه فلم يثبت شمول (
ذكاة الجنين ذكاة اُمِّه
) لغير ما ولَجته الروحُ الحيوانية، خاصّةً إن لم تذكّ الاُمّ .
* وقد
يستدلّ على النجاسة أيضاً بأنّ مَيتة السِقط جيفةٌ، والجيفة نجسة .
ويرد عليه
أنه لم يثبت أنّ كلّ جيفة نجسة، فحتى الحيوان المذكّى سيتجيّف بعد مدّة من الزمن
.
* وقد
يستدلّ على الطهارة بأنّ السِقط قبل ولوج الروح ليس فيه روح حيوانية وإنما فيه روح
نباتية فقط، فهو نبات لحميّ لا أكثر، فلعلّه شرعاً من قبيل ما لا تحلّه الحياة
كالقرن والناب والشعر والظفر .
أقول :
يبعد صحّة هذا الكلام لما سيأتيك بعد قليل .
إلى حدّ
الآن قد تقول بأنه لا يوجد دليل واضح يفيد أنّ السِقط هو نجس، بل يمكن أن تؤيد
الطهارة بإطلاق ما دلّ على طهارة ما ليس فيه روح حيوانية .
هذا،
ولكننا نستدلّ على نجاسة السقط من الإنسان والحيوان بأنه ليست العبرة في نجاسة
المَيتة أنها كانت ذا حياة حيوانية قد ولجت فيها الروح سابقاً ثم خرجت، وإنما
العبرةُ هي في كون المَيتة لحماً لا روح فيها، فأيّ فرق بين حيوان قد وَلَجَتْ
فيه الروحُ سابقاً ثم خرجت، فهو الآن لحم لا روح فيه، وبين السِقط الذي لا روح
فيه لعدم ولوج الروح فيه من الأصل ؟! خاصّةً إذا سقط السِقط قبل ولوج الروح فيه
بأيّام قليلة ؟! أقصد أنه ما العبرة والفائدة فيما لو دخلت فيه الروح يومين ثم
خرجت، أو لم تلج فيه الروح من الأصل، طالما أنّهما في كلتا الحالتين لا روح
فيهما حاليّاً . وبتعبير أوضح : هل أنّ نجاسة المَيتة ناشئة من الروح، أي من
ذهابها، أم أنها ناشئة من نفس اللحم والشحم اللذين فيها ؟ لا شكّ أنّ منشأ
النجاسة هي من اللحم والشحم ولا ربط للروح في ذلك، بل أكْلُ السِقط الذي لم تلجه
الروح أشدّ حرمةً ـ أي
أشدّ قذارةً ـ
من السِقط الذي ولَجته الروح، وذلك لأنه لا يجوز أكلُ السِقط ولو ذُكِّيَتْ اُمّه
.
كما
واستدلّ بعضهم على النجاسة بأنّه جزء مبان من الحيّ، فيجب أن يكون مَيتةً نجسةً
كيَدِ الرَّجُل ورِجْلِه إذا انفصلا من الحيّ، أو على الأقلّ السِقط فيه نحو
جزئيّة من الاُمّ كالجنين تماماً ـ لا كالبيضة من الدجاجة ـ ولذلك ترى الفقهاء
يُفتون بفطرتهم بنجاسته .
أقول : يمكن القول بصحّة هذا الوجه، فإنه يبعد
أن تكون الأم بالنسبة إلى الجنين أو السِقط بمنزلة الوعاء، كالدجاجة من حيث إنها
وعاءٌ للبيضة، فالبيضة ليست جزءً من الدجاجة، فيبعد أن يكون السِقط كالبيضة في
رحم الاُمّ، وأنه مستقلّ عن اُمّه .
والمظنون
قويّاً أنّ مقصود القوم من استدلالهم على نجاسته بصدق المَيتة عليه بدعوى أنّها
عبارة عما من شأنه أن تلجه الروح وإن لم تلجه فعلاً هو ما ذكرناه .
فالسببُ في
القول بنجاسة السِقط هو في موت هذا اللحم لا غير، ولذلك لا بدّ من الإحتياط
الوجوبي في القول بنجاسته إن لم يكن هو الأقوى والله العالم .
وكذا
الكلام تماماً في الفَرخ الذي مات في البيضة إن كان قد صار لحماً . أمّا إن كان لا
يزال دماً فالأحوط وجوباً اعتباره نجساً .