الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

37/12/23

بسم الله الرحمن الرحيم

خلاصة ما ذكرناه في الدرس الماضي هو عدم التعارض بين آية الإنكاح وآية الاستعفاف، لأنه لا يستدل على آية الإنكاح على استحباب النكاح، وعلى فرض التعارض فما ذهب إليه صاحب الجواهر صحيح، غير أن لنا كلام مع صاحب الجواهر فيما استدل بالرواية في تفسير آية الاستعفاف، وهذه الرواية مسندة عن علي بن الأشعري عن بعض أصحابه، عن ... والفرق بين عدة من أصحابنا وبعض الأصحاب أن الأول يعرف الأصحاب، وفي الثاني لا يعرف.

وما يستفاد من الآية أنها في صدد بيان حكم مباين للحكم الذي ذكرته الرواية، ومن هنا لا بد من التصرف في سند الرواية، أو في المعنى المراد من التزويج في الرواية، أو التصرف في ألفاظ الرواية، كأن يقال بأنه يحتمل سقوط " لا " من الرواية، وسقوط الحروف من الروايات والأحاديث كثير شائع مطرد، أو أن نتصرف بلفظ "يتزوجون " بأن يقال إن المراد منه التزوج غير الدائمي، ويؤيده عندك أنه ورد في الفقه أن المتعة لمن يمكن له أن يتزوج دائماً مكروه.

الأمر الثاني : تحليل في كلام شيخ الطائفة عليه الرحمة:

قال الشيخ الطوسي: >والناس ضربان ضرب مشته للجماع، وقادر على النكاح، وضرب لا يشتهيه، فالمشتهي يستحب له أن يتزوج، والذي لا يشتهيه المستحب أن لا يتزوج لقوله تعالى " وسيدا وحصورا "[1] فمدحه على كونه حصورا، وهو الذي لا يشتهي النساء<[2] .

لعل مراد الشيخ الطوسي أن الشخص إذا اشتغل بعبادة الله تعالى، وأعرض عن الشهوة فالأفضل عنده أن ينشغل بالعبادة، أو لعل مراده أن العبادة والنكاح مستحبان فإذا دار الأمر بينهما مع عدم الاشتهاء، فالأفضل عنده الإعراض عن النكاح.

غير أن هناك من اعترض على الشيخ، ومنهم صاحب المهذب فقال : >و أجاب المصنف عنه: بان مدح يحيى بذلك في شرعه لا يلزم منه وجوده في شرعنا لاختلاف الشرعين في الأحكام. و الأكثرون من أصحابنا على أنه أفضل من التخلي للعبادة، و هو اختيار المصنف [4] و العلامة في كتبه. و هو الحق لوجوه:

وجه الاولى : دعوة النبي| فعلا و قولاً بنسبة النكاح (قد تزوج رسوالله| اربعة عشرة زوجة) خاص لرسول الله وائمة المعصومين عليهم السلام : فظاهر من حاله ×، و لقد مات عليه السّلام عن تسع نسوة<[3]

وجه الثاني : اشتراک کل من التزویج و التخلی للعبادة فی کون کل منهما طاعة لله سبحانه.

وجه الثالث : فوز المتزوج بمضاعفة الرکعة بسبعین من صلاة الاعزب. هذا ايضايدل على

أفضليّة النكاح من العبادة

وجه الرابع : فوزه بموافقة محبة الله تعالی وارا دته کما هو الهدف الاصلی من العبادة.

كماقال رسول الله| (ما بني بناء في الإسلام‌ أحب إلى اللَّه عزّ وجلّ‌ من التزويج)[4]

وجه الخامس : کون مباشرة (الرجل)اهله ایضا عبادة و صدقة.

وذكروا وجوه آخرولانطيل البحث بذكرها.3

 


[1] آل عمران/سوره3، آیه39.
[2] المبسوط في فقه الإمامية، محمد بن الحسن الطوسي، ج‌4، ص160.
[3] المهذب البارع في شرح المختصر النافع، أحمد بن فهد الحلي، ج3، ص152.
[4] المهذب البارع: 3/153.