الأستاذ الشیخ حسان سویدان

بحث الأصول

45/11/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة التنبيه الثاني

 

كان الكلام في التنبيه الثاني وقد انتهينا الى ان المنسوب الى المحقق الثاني صاحب جامع المقاصد انه لا تزاحم بين الموسع والمضيق وسر ذلك عنده انه في الموسع متعلق التكليف هو الجامع الافراد مصاديق للجامع والقدرة على فرد فضلا عن افراد من الجامع يعني ان متعلق التكليف مقدور فمن قدر على بعض الافراد لان المطلوب صرف الوجود هو قادر حينئذ هذا ما افاده المحقق الثاني ونحن قررناه في الدرس السابق بشكل اكثر صناعية بلحاظ مشارب المتأخرين من علمائنا اي يصبح التخيير بين الافراد الطولية تخيير عقلي والتخيير العقلي لا يؤول الى التخيير الشرعي اي لا تصبح الحصص هي الواجبة حينئذ حتى نقول الحصة المزاحمة في الزمن الاول للمضيق مأمور بها فلابد من تقييدها ترتبيا بعدم الاتيان بالمضيق اللي هو بحسب الفرض لتضيّقه اهم منها ولو كانت هي بذاتها اهم بس هي فيك تجيبها بوقت اخر هو ما فيك تجيبه الا في هذا الوقت يعني الصلاة اهم من الازالة مثلا بس الصلاة معك وقت الى اخر الوقت بينما الازالة تجب فورا جيد، وعلى هذا الاساس القدرة على الجامع كافية في المقام ولما كان للجامع حصص غير مزاحمة فهذا يعني انه لا يوجد تزاحم بين الامر بالجامع والامر بالحصة المضيق امر بالحصة الاولى، جيد هذا الكلام تعرض له المحقق النائيني اعلى الله مقامه الشريف فافاد باننا تارة نقول بان تكليف العاجز قبيح عقلا وانه لا علاقة له بالخطاب بمعنى ان القدرة شرط في التنجز وليست شرطا في الخطاب والحاكم بذلك هو العقل كما هو المنقول عن السيد الخوئي ونقلناه عنه سابقاً، واخرى نقول بان الخطاب بنفسه يتطلب اختصاص متعلقه بالحصة المقدورة اي ان القدرة شرط في الخطاب وليست شرطا في التنجز فحسب فحينئذ حيث ان الخطاب قابل للانطباق في نفسه على كل حصة حصة من حصصه الطولية ومنها الحصة الاولى المزاحمة للمضيق الفوري فلا بد وان تكون جميع حصصه مشروطة بالقدرة والمفروض انه يجب عليه بمقتضى المضيَّق ان يصف قدرته في حصة المضيق فهو عاجز شرعاً عن الانشغال بغيرها تعجيز شرعي لا يتنافى هذا التعجيز مع كون الاخرى مأمور بها امر ترتبي لكن معنى الامر الترتبي بانها مقيدة بعدم الاتيان بالوظيفة الفعلية اللي هي المضيق ذلك انتبهوا لهون هون في بيت قصيد يأوي اليه المحقق النائيني ذلك ان كل تكليف انما يجعل حقيقة تكليفا حقيقيا بداعي البعث والتحريك للمكلف يعني تشريعي هادا مش تكويني، وحيث انه لا يمكن ان يجعل بداعي البعث والتحريك نحو الحصة الاولى على الاطلاق لانه يلزم من ذلك ان يكون المولى يطلب الجمع بين الضدين نعم ترتبا ممكن بان نقيدها بعصيان ذلك فلابد من ان نقول حينئذ حيث ان التحرك على الاطلاق والتحريك على الاطلاق نحو الحصة الاولى غير ممكن من المولى لانه تكليف بالمحال فحينئذ لا اشكال ولا ريب في ان الحصة الاولى تدخل في ضابطة التزاحم مع المضيق على هذا التقدير الفكرة واضحة، السيد الخوئي اعلى الله مقامه الشريف لديه خلاف مع المشهور ومنهم المحقق النائيني في تعريفهم للانشاء مطلقا وفي مورد التكاليف على مستوى بيان حقيقة الانشاء هل الانشاء ايجاد المعنى باللفظ اي احضاره الذي يوصّفه السيد الخوئي بانه لا اساس له من الصحة ويقول بان حقيقة الانشاء في عالم التكليف هي من سنخ الوضع اي جعل الفعل في وعاء في ذمة المكلف وابراز هذا الجعل بمبرِز ما من لفظ او غيره هيدا كله من فروع بنائه على مسلك التتعهد في الوضع، يقول السيد الخوئي معنى تكليف المولى في الموسع انه جعل الفعل في عهدة وذمة المكلف اي الاتيان بالصلاة من الزوال الى الغروب وواضح ان هذا الفعل اللي في ذمة المكلف ليس ارسالا نحو الحصص مباشرةً، افراغ الذمة من هذا الذي وضع فيها اعتبارا انما يكون بالاتيان بمصداق من مصاديق الصلاة فمن الوضوح بمكان يقول السيد الخوئي على ما ذهبنا اليه وهو الصحيح من ان الانشاء التكليفي جعل الفعل في وعاء اسمه ذمة المكلف انه لا تشترط القدرة على كل حصة حصة من الحصص اذ هو غير مكلف الا بحصة شائعة لا اكثر ولا اقل والقدرة على حصة تكفي لافراغ الذمة من التكليف، هذا المعنى الذي افاده السيد الخوئي لم ارَ من تعرض له سوى الشهيد الصدر الشهيد الصدر افاد ما خلاصته ان استاذك النائيني يتكلم في جهة وانت تتكلم في جهة اخرى شيخك النائيني يتكلم عن المدلول التصديق والارادة الجدية اي ان المولى عندما يأمر المكلف له داعي جدي بأي معنى فسرنا الانشاء باي معنى فسرنا الانشاء على مستوى المدلول التصوري والدلالة الوضعية هو انه جعل بداعي البعث والتحريك نحو المتعلق، وحيث ان البعث والتحريك بالفعل على الاطلاق نحو الحصة الاولى مع الأمر في ذلك الوقت بالمضيق تكليف بالمحال لضيق قدرة المكلف عن الجمع بينهما فيستحيل بدون تقييد تردد فيدخل في التزاحم، ولا علاقة سيدنا الاستاذ اي السيد الخوئي والكلام للشهيد الصدر لمحل البحث بالمدلول التصوري او الدلالة الوضعية وما تبني عليه من حقيقة الانشاء نعم ما يرد على الاستاذ النائيني بنظرنا هو ان التكليف وان جعل بداعي البعث والتحريك لكن البعث والتحريك يكفي فيه القدرة على المتعلق والمتعلق بحسب الفرض هو الجامع والجامع مقدور ولو في غير الحصة الاولى فيكفي في جعل الفعل بداعي البعث والتحريك ان يكون متعلقه وهو الجامع مقدور بين الحدين في طول الزمان ولا ضرورة لان يكون مقدورا من بداية الزمان بالخصوص اذ الحاكم باشتراط التكاليف بالقدرة هو العقل وحيث ان العقل لا يرى شرطيّة القدوة اكثر من الاتيان بالمتعلق فيكفي الاتيان بالمتعلق ولو في اواسط الوقت او اواخر الوقت هذا ما افاده الشهيد الصدر رضوان الله تعالى عليه، اقول يا اخواني لا اشكال ولا ريب في ان العقل الحاكم بقبح التكليف بغير المقدور يكفي في اشباعه ان يكون قادرا ولو على حصة من الحصص هذا لا اشكال فيه وهذا ما ركّز عليه الشهيد الصدر لكن الذي ظهر لي من التأمل في كلام المحقق النائيني انتبهوا لي أنّ المحقق النائيني الى جهة اخرى وان كانت على ارتباط بشرطية القدرة وهي ان التكليف بعثٌ تشريعي انتبهوا لي يا اخوان يشترط فيه امكانية الانبعاث من قِبَل المكلف، صحيح ان المكلف قد لا ينبعث عصياناً هذا لا يخدش في حكمة التشريع، لكن لا معنى للبعث الفعلي من قِبَل المولى نحو متعلَّق اذا لم يكن الانبعاث ممكنا عقلا او شرعاً انتبهتوا، ويمكن البعث نحوه بالشكل الذي يكون ممكنا عقلا وشرعا واضح، وهذا استطيع ان اعبر عنه بانه حكمة الشارع لان الشارع يُفرَض حكيما جيد تعالوا معي شارعنا امر بالصلاة صلاة واحدة ما بين الحدين من دلواك الشمس الى غسق الليل قولوا من الظهر الى الغروب جيد، معنى ذلك ان شارعنا يبعثني بالفعل نحو الاتيان بالصلاة بعثا تشريعيا يبدأ هذا الانبعاث من الزوال وينتهي متى؟ بالغروب جيد، يبدأ من الزوال وينتهي بالغروب، اذاً حصة الزوال اذا رمت ان اتي في الزوال هل هي مصداق لهذا الامر ام ليست مصداقا؟ مصداق بلا اشكال ما دامت مصداق فهي مشمولة اذا للتحريك المولوي التشريعي، هل فيها حكمة التشريع ام ليس؟ اقول اذا مأمور بها على الاطلاق كمصداق للجامع للكلي اي حاوية على حكمة التحريك مع الامر بالمضيق على الاطلاق سيكون من التكليف بالمحال ما راح يكون من التكليف بالمحل يا اخوان! قطعا راح يكون من التكليف بالمحال، بعبارة اوضح في حدا بقول يا اخوان انه الحصة الاولى الحصة الاولى ما بتكون مصداق للصلاة؟ ما حدا بقول ما حدا بقول، الكلام انها وهي مصداق للصلاة يعني مأمور بها؟ نسأل هل ان الامر بها على الاطلاق؟ اذا على الاطلاق تكليف المحال، اذا مقيدة حالة عصيان المضيق فهو التزاحم انتبهتوا، الشهيد الصدر لوين نظر؟ نظر الى القدرة على الاتيان بالمتعلق قال لك القدرة بواحدة من الاوقات بيكفي اطويلة هي صفحة هذا الكلام صحيح سيدنا لكن بدي اسألك اذا الشخص اختار يا اخي بده يعصي المضيق واختار يصلي اول الوقت صلاته مصداق للمأمور به ام لا؟ اذاً الامر يشمله، اذا الامر يشمله نسأل على الاطلاق او بنحو التقييد؟ اذا الاطلاق مع المضيق بصير تكليف بالمحال، اذا مقيد هو التزاحم كل ما فرضت الترتب يعني تزاحم، الشيخ النائيني اذاً يا اخواني ناظر الى هذه الجهة الى هذه الجهة بالخصوص، السيد الخوئي منتبه لهذه النقطة منتبه مش مش منتبه لكن السيد الخوئي شو مبناه؟ ان القدرة شرط في التنجز وانه حقيقة الانشاء جعل الفعل في ذمة المكلف، فالمكلف اذا اراد ان يفرغ ذمته من الفعل يقدر على افراغ ذمته في وقت اخر، اقول سيدنا الخوئي يقدر في وقت اخر على راسي لكن السؤال اذا اراد ان يفرغ ذمته من الفعل على مبنى جعل الفعل في ذمة المكلف، اذا اراد ان يفرغ ذمته في الساعة الاولى في الحصة الاولى يقدر او لا يقدر؟ يقدر يقدر، فنسألك سؤال هل هو جعل الفعل في ذمة المكلف على الاطلاق او مقيدا بعصيان الاهم اللي هو المضيق بحسب الفرض؟ اذا مقيد بعصيان الاهم هذا هو التزاحم بعينه، اذا على الاطلاق هو تكليف بالمحال اختار انتبهتوا، لا شك ولا ريب في ان التكليف تكليف بالجامع لكن الكلام في ان هذا التكليف بالمحال هل يشمل على الاطلاق الحصة الاولى او لا يشمل؟ اذا على الاطلاق يشمل بلا اشكال ولو بنحو كونها مصداق يا اخي مين جعل مين جعل التكليف بالجامع على الاطلاق؟ مو المولى، المولى جعله على الاطلاق اذا على الاطلاق تكليف بالمحال بلحاظ الحصة الاولى، اذا مقيد بالمعصية هو التزاحم بعينه، لذا نحن الى هنا يا اخوان بدون ارجاع التخيير العقلي الى الشرعي مثل ما بيفترض الشهيد الصدر ويراه خاطئا طبعا نقول بان ما افاده المحقق النائيني نكتة ظريفة سواء ذهبنا الى ان الانشاء ايجاد اللفظ المعنى باللفظ كما هو المشهور، او ذهبنا الى انه من سنخ الاحكام الوضعية جعل الفعل في ذمة المكلف كما يقول السيد الخوئي لا فرق في هذا فلابد من اجراء قوانين التزاحم في المقام، نعم يظهر من السيد الخوئي وجه اخر وربما ثالث تأتي.