الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/08/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص، القول في الشرائط المعتبرة في القصاص.

مسألة 4 - لو شهد أحدهما بمشاهدة القتل عمدا والآخر بالقتل المطلق وأنكر القاتل العمد وادعاه الولي كان شهادة الواحد لوثا، فإن أراد الولي إثبات دعواه فلا بد من القسامة[1] .

 

لا اشكال في ثبوت الشهادة على نحو ثبوت البينة لاشتراطنا فيها أن تكون على موضوع واحد محدّد كما تقدم، ولكن اللوث يثبت بشهادة كل من الشاهدين هنا لكونهما يثبتان وقوع أصل القتل وإن اختلفا في اطلاق كلام أحدهما وتقييد الآخر لعدم التنافي بين المطلق والمقيد في المقام وسيأتي تفسير اللوث وهو وإن لم يرد فيه نصوص واضحة في اصل تسميته إلا أن الفقهاء استفادوا من ظاهر الروايات في المقام على ذلك وهو لغة بمعنى التلوث (التلطخ) فهو هنا أمارة وعلامة وقرينة ودليل ظني على صدق دعوى المدّعي. والمسألة هنا تثبت اللوث وإن اختلفا بين المطلق والمقيد، كما لو شهد أحدهما بأن الثوب قد أصيب بالنجاسة، وشهد الآخر بملاقاته للدم، لثبوت أصل النجاسة.

مسألة 5 - لو شهد اثنان بأن القاتل زيد مثلا وآخران بأنه عمرو دونه قيل: يسقط القصاص، ووجب الدية عليهما نصفين لو كان القتل المشهود به عمدا أو شبيها به، وعلى عاقلتهما لو كان خطأ، وقيل إن الولي مخير في تصديق أيهما شاء، كما لو أقر اثنان كل واحد بقتله منفردا، والوجه سقوط القود والدية جميعا[2] .

 

اختلفت الآراء في المسألة وهي ثلاثة أقوال:

1 – القول الأول: يسقط القصاص وتجب الدية عليهما نصفين لو كان القتل المشهود به عمدًا أو شبيهًا به، وعلى عاقلتهما لو كان خطأً.

وهذا ما ذهب إليه الشيخ (قده) وابو منصور الطبرسي والفاضل (رحمهما الله) وربما لأجل سقوط القصاص بتعارض البينتين، مع عدم امكانية الجمع في قتلهما معًا لمخالفة ذلك قطعًا والاحتياط هنا في ترك الاحتياط، وترجيح أحدهما على الآخر بلا مرجح، وتخيير ولي الدم يحتاج إلى دليل وهو مفقود، فلا بد من الدية لئلا يبطل دم المسلم.

ويمكن أن يرد عليه:

بأنه لا دليل عليه، وإن كان بعض ما ذكر من عدم الجمع في القتل أو عدم وجود الدليل على الترجيح أو التخيير لكن سقوط القصاص بمفرده دون الدية على المتهمين خلاف طريقة الاستدلال بالحجة الشرعية، نعم يمكن القول بثبوت الدية من بيت مال المسلمين وليس على المدّعى عليهم لعدم ثبوت ذلك.

2 – القول الثاني: أن الولي مخيرٌ في تصديق أيهما شاء، كما لو اقرّ إثنان كل واحد بقتله منفردًا. وهذا ما احتمله المحقق الأول والثاني (رحمهما الله) ويمكن أن يرد عليه، بأنه مما لا دليل عليه أيضًا مع كونه مجرد احتمال كما نسب إليهما (رحمهما الله).

3 – القول الثالث: سقوط القود والدية جميعًا، وهو ما اختاره السيد الماتن (قده) وهو الأوجه وذلك لأن مقتضى العمل بالقواعد سقوط كل من القصاص والدية عند تعارض البينتين بعد فرض عدم الترجيح في البين، وعدم الترجيح لأحدهما على الآخر لأنه ترجيح بلا مرجح، والحال عدم وجود دليل واضح على ذلك.

نعم، على الحاكم بذل الجهد في معرفة واقع الحال ولو بالقرائن والشواهد والأمارات التي يمكن أن توصل إلى الحقيقة مع الإمكان وإلا فعليه أن يحفظ دم المحترم من الضياع هدرًا لأن دمه لا يطل كما ورد في الخبر.


[1] - تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص526.
[2] - تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص526.