الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص، القول في الشرائط المعتبرة في القصاص.

مسألة 2 - يعتبر في قبول الشهادة أن ترد شهادتهما على موضوع واحد ووصف واحد، فلو شهد أحدهما أنه قتله غدوة والآخر عشية أو شهد أحدهما أنه قتله بالسم والآخر أنه بالسيف أو قال أحدهما: أنه قتله في السوق وقال الآخر في المسجد لم يقبل قولهما، والظاهر أنه ليس من اللوث أيضا، نعم لو شهد أحدهما بأنه أقر بالقتل والآخر بمشاهدته لم يقبل شهادتهما، ولكنه من اللوث[1] .

 

والاعتبار المذكور في قبول الشهادة أن ترد على موضوع واحد بوصف واحد إنما هو المحقق لحجية البينة (شهادة عدلين) فلا بد من أن تكون ناظرة إلى موضوع واحد وصفة واحدة من جهة اتحاد الزمان والمكان والفعل ومع الاختلاف في مفاد شهادتها وكانت كل شهادة ناظرة إلى غير ما نظرت إليها الأخرى فلا يتحقق مفهوم البينة وحقيقتها بل تكون شهادة عدل واحد على ما يشهد كل واحد منهما ولا تكون شهادة عدلين (بينة شرعية) فلو شهد احدهما أنه قتله صباحًا وشهد الآخر على أنه قتله مساءً أو شهد أحدهما أنه قتله خنقًا والآخر شهد على أنه قتله بالسمُ أو بالسيف وما أشبه ذلك من جهة الكيفية أو كان الاختلاف في مفاد شهادة الشاهدين من جهة المكان أو الزمان كما لوشهد أحدهما بأنه تمت عملية القتل في السوق والآخر قال بأنها تمت في الصحراء أو في المسجد وغير ذلك، أو كان الاختلاف من جهة الزمان كما لو شهد الاول بأن القتل كان صباحًا والآخر شهد أنه كان مساءً وغير ذلك من موارد الاختلاف بين الشاهدين، فإن ذلك لا يحقق موضوع البينة الشرعية لاختلافهما في التوارد على شيء واحد. بل الأرجح أن ذلك محقق للتكاذب بينهما وسقوط قوليهما عندئذ في تلك القضية الواحدة لموضوع واحد.اللهم إلا أن يشهد طرف ثالث أو أكثر على نفس ما شهد عليه أحدهما بالخصوص فتتم البينة في المقام، ومع عدمه فلا تتم البينة، ومنه يعلم عدم تحقق مفهوم اللوث أيضًا (إمارة أو قرينة موافقة لادعاء المدعي توجب الظن بصدقه) كما ذهب إليه الشيخ (قده) في المبسوط من حصول اللوث به لاتفاقهما على حصول القتل.وهذا صحيح فيما لو لم يكن لشهادة العدل الواحد أي معارض لقوله مما يوجب سقوط مدعاه فيما نحن عليه ههنا.نعم يمكن أن يتحقق اللوث بحسب الاختلاف الناشىء عن الخصوصيات الحافة بالموضوع فقد يحصل اللوث كما لو شهد احدهما بأنه أقر بالقتل والآخر بشاهدته لم يقبل شهادتهما لعدم انعقاد البينة ولكن يمكن القول بتحقق اللوث. وقد لا يحصل وعليه فالنزاع بين الفقهاء في المقام صغرويًا كما هو الواضح.

[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص525.