الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/07/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص، القول في الشرائط المعتبرة في القصاص.

مسألة 2 - يقبل إقرار المحجور عليه لسفه أو فلس بالقتل العمدي، فيؤخذ باقراره، ويقتص منه في الحال من غير انتظار لفك حجره[1] .

 

ما ذهب إليه سيدنا الماتن (قده) هو مقتضى إطلاقات الأدلة وعموماتها بلا أي مانع في المقام و(إقرار العقلاء على انفسهم جائز) جارية بلا منازع، وذلك أن المحجور عليه إنما هو ممنوع من التصرف بأمواله ليس إلا، ولا دليل على محجوريته في إقراره، في غير الاموال لإعتبار خروجها عن حيز تصرفه بها للمانع (وهو الحجر).وأما ما يوجب الدية فتثبت بذمته لإقراره بالقتل والحال عدم المنافاة بين ثبوتها في ذمته وبين كونه محجورًا عليه. ولو ادعى أن الدية ثبتت عليه قبل حجره فإما أن يصدقونه أو، لا؟ فإن صدقوه فهم شركاء معه بذلك وإن لم يصدقوه فلا يشاركونه بذلك. والله العالم.

مسألة 3 - لو أقر شخص بقتله عمدا وآخر بقتله خطأ كان للولي الأخذ بقول صاحب العمد، فيقتص منه، والأخذ بقول صاحب الخطأ فيلزمه بالدية، وليس له الأخذ بقولهم[2] .

 

أما تخيير الولي بالأخذ بأحد قوليّ المدعيين للقتل العمدي من أحدهما والخطأ من الآخر وذلك لعلمه بتعلق حقه بأحدهما لا بكليهما، فتثبت ولايته على ذلك، مضافًا إلى الاجماع المدّعى من أكثر من واحد، وخبر الحسن بن صالح صريح على المطلوب إثباته وهو:

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن صالح، قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) عن رجل وجد مقتولا فجاء رجلان إلى وليه، فقال أحدهما: أنا قتلته عمدا، وقال الآخر: أنا قتلته خطأ؟ فقال: إن هو أخذ [بقول] صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأ سبيل، وإن أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد سبيل)[3] .

هذا ويمكن الاستدلال بصحيحة زرارة بن اعين عن مولانا ابي جعفر الباقر (عليه السلام) على أصل التخيير للوالي بأن يأخذ بقول أيهما شاء مع أنها تتحدث عن القتل العمدي في كل من الشخصين ولكن ما ينفع بالمقام هو عدم جواز الأخذ بالقولين معًا لعدم إمكان الجمع بينهما. والله العالم.

 

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) قال: سألته عن رجل قتل فحمل إلى الوالي وجاءه قوم فشهد عليه الشهود أنه قتل عمدا، فدفع الوالي القاتل إلى أولياء المقتول ليقاد به، فلم يريموا حتى أتاهم رجل فأقر عند الوالي أنه قتل صاحبهم عمدا، وأن هذا الرجل الذي شهد عليه الشهود بريء من قتل صاحبه فلا تقتلوه به وخذوني بدمه؟ قال: فقال أبوجعفر (عليه‌ السلام): إن أراد أولياء المقتول أن يقتلوا الذي أقر على نفسه فليقتلوه ولا سبيل لهم على الاخر، ثم لا سبيل لورثة الذي أقر على نفسه على ورثة الذي شهد عليه، وإن أرادوا أن يقتلوا الذي شهد عليه فليقتلوا ولا سبيل لهم على الذي أقر ثم ليؤد الدية الذي أقر على نفسه إلى أولياء الذي شهد عليه نصف الدية، قلت: أرأيت إن أرادوا أن يقتلوهما جميعا؟ قال: ذاك لهم، وعليهم أن يدفعوا إلى أولياء الذي شهد عليه نصف الدية خاصة دون صاحبه، ثم يقتلونهما، قلت: إن أرادوا أن يأخذوا الدية؟ قال: فقال: الدية بينهما نصفان، لان أحدهما أقر والآخر شهد عليه، قلت: كيف جعلت لاولياء الذي شهد عليه على الذي أقر نصف الدية حيث قتل، ولم تجعل لاولياء الذي أقر على أولياء الذي شهد عليه ولم يقر؟ قال: فقال: لان الذي شُهد عليه ليس مثل الذي أقر، الذي شهد عليه لم يقر ولم يبرأ صاحبه، والآخر أقر وبرأ صاحبه، فلزم الذي أقر وبرأ صاحبه ما لم يلزم الذي شهد عليه ولم يقر ولم يبرأ صاحبه)[4] .

 


[1] - تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص524.
[2] - تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص524.
[3] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج29، ص141، ابواب دعوى القتل، باب03، ح01، ط آل البيت.
[4] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج29، ص144، ابواب دعوى القتل، باب05، ح01، ط آل البيت.