الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/07/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص، القول في الشرائط المعتبرة في القصاص.

الشرط السادس - أن يكون المقتول محقون الدم، فلو قتل من كان مهدور الدم كالساب للنبي صلى الله عليه وآله فليس عليه القود، وكذا لا قود على من قتله بحق كالقصاص والقتل دفاعا، وفي القود على قتل من وجب قتله حدا كاللائط والزاني والمرتد فطرة بعد التوبة تأمل وإشكال، ولا قود على من هلك بسراية القصاص أو الحد[1] .

 

اجمعت الطائفة على أن من كان مهدور الدم فلا قصاص على قاتله ولا دية، بخلاف من كان محقون الدم فإن لولي المقتول الخيار في القصاص أو الدية أو العفو، ولكن الحكم في مهدور الدم بالنسبة إلى القاتل له صور وحالات:

الصورة الأولى: (لو قتل من كان مهدور الدم كالساب للنبي صلى الله عليه وآله فليس عليه القود).

من سب النبي (صلى الله عليه وآله) أو أحد الأئمة الأطهار (عليهم السلام) كان دمُه هدرًا، جاز لكل أحد أن يقتله بعد تحقق ذلك بالشرائط المعتبرة، من قبيل صدور السب من بالغ عاقل مختار لم يسلب إرادته بوجه من وجوه سلب الإرادة والاختيار فلو كان صبيًا أو مجنونًا أو مكرهًا أو سكرانًا أو غير ذلك قلا يجوز قتله لكون ذلك من الشرائط المعتبرة إجماعًا وللنصوص الخاصة في ذلك مما تقدم في محلها.ومن الادلة الخاصة على إباحة دم الساب للنبي وآله (عليهم السلام) بل مطلق من سب نبيًا كما في صحيفة مولانا الرضا (عليه السلام) الآتية:

-(محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، قال: سمعت أبا الحسن (عليه‌ السلام) يقول: شتم رجل على عهد جعفر بن محمد (عليه‌ السلام) رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) فاتي به عامل المدينة فجمع الناس فدخل عليه أبو عبدالله (عليه‌ السلام) ـ وهو قريب العهد بالعلة وعليه رداء له مورد ـ فأجلسه في صدر المجلس، واستأذنه في الاتكاء، وقال لهم: ما ترون؟ فقال له عبدالله بن الحسن، والحسن بن زيد، وغيرهما: نرى أن تقطع لسانه، فالتفت العامل إلى ربيعة الرأي وأصحابه، فقال: ما ترون؟ قال: يؤدب، فقال أبو عبدالله (عليه‌ السلام): سبحان الله فليس بين رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) وبين أصحابه فرق؟)[2] .

-(عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن علي بن جعفر، قال: أخبرني أخي موسى (عليه‌ السلام) قال: كنت واقفا على رأس أبي حين أتاه رسول زياد بن عبيدالله الحارثي ـ عامل المدينة ـ فقال يقول لك الأمير: انهض إليّ، فاعتل بعلة، فعاد إليه الرسول فقال: قد أمرت أن يفتح لك باب المقصورة فهو أقرب لخطوك، قال: فنهض أبي واعتمد علي ودخل على الوالي وقد جمع فقهاء أهل المدينة كلهم وبين يديه كتاب فيه شهادة على رجل من أهل وادي القرى قد ذكر النبي (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) فنال منه، فقال له الوالي: يا أبا عبدالله انظر في الكتاب، قال: حتى أنظر ما قالوا، فالتفت إليهم، فقال: ما قلتم؟ قالوا: قلنا: يؤدب ويضرب ويعزر ويحبس، قال: فقال لهم: أرأيتم لو ذكر رجلا من أصحاب النبي (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) ما كان الحكم فيه؟ قالوا: مثل هذا، قال: فليس بين النبي (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) وبين رجل من أصحابه فرق؟! فقال الوالي: دع هؤلاء يا أبا عبدالله لو أردنا هؤلاء لم نرسل إليك، فقال أبو عبدالله (عليه‌ السلام): أخبرني أبي أن رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) قال: الناس في اسوة سواء من سمع أحدا يذكرني فالواجب عليه أن يقتل من شتمني ولا يرفع إلى السلطان، والواجب على السلطان إذا رفع إليه أن يقتل من نال مني، فقال زياد بن عبيدالله: اخرجوا الرجل فاقتلوه بحكم أبي عبدالله (عليه‌ السلام))[3] .

-(وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبدالله، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) قال: إن رجلا من هذيل كان يسب رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله)، فبلغ ذلك النبي (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) فقال: من لهذا؟ فقام رجلان من الأنصار، فقالا: نحن يا رسول الله، فانطلقا حتى أتيا عربة فسألا عنه، فاذا هو يتلقى غنمه، فقال: من أنتما وما اسمكما؟ فقالا له: أنت فلان بن فلان؟ قال: نعم، فنزلا فضربا عنقه ـ قال محمد بن مسلم: فقلت لأبي جعفر (عليه‌ السلام): أرأيت لو أن رجلا الآن سب النبي (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) أيقتل؟ قال: إن لم تخف على نفسك فاقتله)[4] .

-(الفضل بن الحسن الطبرسي بإسناده في (صحيفة الرضا) (عليه‌ السلام) عن آبائه، عن رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) قال: من سب نبيا قتل، ومن سب صاحب نبي جلد)[5] .


[1] - تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص523.
[2] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج28، ص211، ابواب حد القذف، باب25، ح1، ط آل البيت.
[3] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج28، ص212، ابواب حد القذف، باب25، ح2، ط آل البيت.
[4] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج28، ص213، ابواب حد القذف، باب25، ح3، ط آل البيت.
[5] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج28، ص211، ابواب حد القذف، باب25، ح4، ط آل البيت.