الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص، القول في الشرائط المعتبرة في القصاص.

مسألة (6): في ثبوت القود على السكران الآثم في شرب المسكر إن خرج به عن العمد والاختيار تردد، والأقرب الأحوط عدم القود، نعم لو شك في زوال العمد والاختيار منه يلحق بالعامد، وكذا الحال في كل ما يسلب العمد والاختيار، فلو فرض أن في البنج وشرب المرقد حصول ذلك يلحق بالسكران، ومع الشك يعمل معه معاملة العمد، ولو كان السكر ونحوه من غير إثم فلا شبهة في عدم القود، ولا قود على النائم والمغمى عليه، وفي الأعمي تردد[1] .

 

يمكن تحرير المسألة بما يلائم مراد سيدّنا الماتن (قده) بالنحو التالي:

أن السكران تارة يُقدم على شرب المسكر آثمًا لا لأي داع مجوّز _ على افتراض جوازه في بعض الدواعي _ وكان من قصده قبل شرب المسكر ناويًا للقتل أو من عادته ذلك، فالاقوى حينئذ ثبوت القود وذلك لتحقق شرائط القود وهو كل من الفعل والقصد.

ومع عدم ذلك أو مع الشك فيه فالاقوى عدم ثبوت القود بل تثبت الدية خاصة.وأما ما ورد في معتبرة السكوني:

-(عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: كان قوم يشربون فيسكرون فيتباعجون بسكاكين كانت معهم، فرفعوا إلى أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) فسجنهم فمات منهم رجلان وبقي رجلان، فقال أهل المقتولين: يا أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) أقدهما بصاحبينا، فقال للقوم: ما ترون؟ فقالوا: نرى أن تقيدهما، فقال علي (عليه‌ السلام) للقوم: فلعل ذينك اللذين ماتا قتل كل واحد منهما صاحبه، قالوا: لا ندري، فقال عليّ (عليه‌ السلام): بل اجعل دية المقتولين على قبائل الاربعة، وآخذ دية جراحة الباقيين من دية المقتولين)[2] .

فليست واضحة الدلالة من جهة ثبوت القود وعدمه، فنرجع إلى الاصل في تحقق شرائط القود ويمكن أن نستفيد ذلك عن صحيح محمد بن قيس عن مولانا ابي جعفر (عليه السلام):

-(محمد بن يعقوب، عن على بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) في أربعة شربوا مسكرا، فأخذ بعضهم على بعض السلاح فاقتتلوا فقتل اثنان وجرح اثنان، فأمر المجروحين فضرب كل واحد منهما ثمانين جلدة، وقضى بدية المقتولين على المجروحين، وأمر أن تقاس جراحة المجروحين فترفع من الدية، فان مات المجروحان فليس على أحد من أولياء المقتولين شيء)[3] .

وهذا ما يوافق الاحتياط الذي ذهب إليه سيدُنا الماتن (قده) حيث أكدت الادلة العديدة على الاحتياط في الدماء ويلحق به كل من تناول البنج وشبهه من المرقدّات. نعم مع الشك في زوال العمد والاختيار عنه وعدمه، يمكن جريان الاستصحاب ببقاء حالة العمد والاختيار فيعامل معاملة العمد في المقام.

[1] - تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص523.
[2] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج29، ص233، ابواب الضمان، باب1، ح2، ط آل البيت.
[3] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج29، ص233، ابواب الضمان، باب1، ح1، ط آل البيت.