الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص، القول في الشرائط المعتبرة في القصاص.

مسألة (4): لو ادعى اثنان ولدا مجهولا فإن قتله أحدهما قبل القرعة فلا قود، ولو قتلاه معا فهل هو كذلك لبقاء الاحتمال بالنسبة إلى كل منهما أو يرجع إلى القرعة؟ الأقوى هو الثاني، ولو ادعياه ثم رجع أحدهما وقتلاه توجه القصاص على الراجع بعد رد ما يفضل عن جنايته، وعلى الآخر نصف الدية بعد انتفاء القصاص عنه، ولو قتله الراجع خاصة اختص بالقصاص، ولو قتله الآخر لا يقتص منه، ولو رجعا معا فللوارث أن يقتص منهما بعد رد دية نفس عليهما، وكذا الحال لو رجعا أو رجع أحدهما بعد القتل، بل الظاهر أنه لو رجع من أخرجته القرعة كان الأمر كذلك بقي الآخر على الدعوى أم لا[1] .

في المسألة وجوهٌ متعددة من جهات مختلفة، نذكرها بالترتيب كما عليه الماتن (قده):

1 – الصورة الأولى: (لو ادعى إثنان ولدًا مجهولًا فإن قتله احدهما قبل القرعة فلا قود).

وذلك لعدم إحراز وتحقق الشرط الثالث للقصاص وهو (إنتفاء الأبوة) والمقام أن الشبهة واردة في أبوة القاتل وحيث أن القاعدة (تدرأ الحدود بالشبهات) يمكن ورودها في المقام وعليه ينتفي تحقق الموضوع للقصاص وحينئذ لا قود على القاتل، والحكم بقتله خلاف المقتضي بل يعتبر ذلك تهجمًا على الدماء وهو محرّمٌ شرعًا وعقلًا.

2 – الصورة الثانية: (ولو قتلاه معًا فهل هو كذلك لبقاء الإحتمال بالنسبة إلى كل منهما أو يرجع إلى القرعة والأقوى هو الثاني)[2] .

فأما أقوائية الرجوع إلى القرعة، وذلك لما دلت عليه الأدلة في شأن القرعة وأنها لكل أمر مشكل، ومع تحقق العلم الإجمالي بتعلق حق القصاص بأحدهما وإمكان تعيين الحال بالقرعة، وأن دم المسلم لا يذهب هدرًا، فالأرجح تعيين القرعة وهذا هو الأقوى.

3 – الصورة الثالثة: (ولو إدعياه ثم رجع أحدهما وقتلاه، توجه القصاص على الراجع بعد رد ما يفضل عن جنايته، وعلى الآخر نصف الدية بعد إنتفاء القصاص عنه).

أما توجه القصاص على الراجع لأنه أقر على نفسه بذلك ويلزم منه إنتفاء الأبوة وحيث أن إقرار العقلاء على أنفسهم (جائز) أو (ماض) فيتوجه القصاص إليه وأما الآخر الذي لم يرجع عن ذلك فلا قصاص عليه بل عليه نصف الدية كما هو معلوم ، إذ المفروض إشتراكهما في القتل فعليه النصف.

4 – الصورة الرابعة: (ولو قتله الآخر لا يقتص منه) وذلك لبقائه على دعواه من الأبوة له وعدم رجوعه عن ذلك والوالد لا يقتص منه بقتل الولد كما تقدم.

5 – الصورة الخامسة: (ولو رجعا معًا فللوارث أن يقتص منهما بعد رد دية نفس عليهما).

وافتراض المسألة ههنا أنهما رجعا عن إدعائهما الأبوة لهذا الطفل المجهول ومقتضى إطلاق أدلة القصاص تشمل المقام بعد كونهما أقرا على أنفسهما بعدم أبوتهما له، فيجري حكم القصاص بلا خلاف، نعم نقول برد دية النفس لكونهما شريكين في القتل وهذا يوجب تعلق الحق بالنصف ويبقى النصف الآخر غير مستحق وذلك للإقتصاص، فلا بد من الدية جمعًا بين الحقين.

6 – الصورة السادسة: (وكذا الحال لو رجعا، أو رجع أحدهما بعد القتل).

لعدم الجدوى من الإنكار بعد الإقرار، فتشمله إطلاقات أدلة القصاص.

7 – الصورة السابعة: (بل الظاهر أنه لو رجع من أخرجته القرعة كان الأمر كذلك بقي الآخر على الدعوى أو، لا).

وذلك لعدم إختلاف الحكم والتمسك بإطلاق أدلة القرعة والإقرار. والله العالم.

 


[1] -تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص521.
[2] - وربما يقال بتعيين DNA لإفادتها الإطمئنان، بل القطع.