الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/05/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص، القول في الشرائط المعتبرة في القصاص.

مسألة (7): يقتل ولد الرشدة بولد الزنية بعد وصفه الاسلام حين تميزه ولو لم يبلغ، وأما في حال صغره قبل التميز أو بعده وقبل إسلامه ففي قتله به وعدمه تأمل وإشكال[1] .

لا بد من توضيح بعض المطالب قبل بيان الحكم:

1 – نقرأ (الرشدة) و (الرشيدة) وكذا (الزنية) بفتح الراء والزاء أو (الزِين) وبكسرهما وقيل الفتح أفصح.

2 – الرشيدة بمعنى المرأة الطاهرة سواءً كانت زوجة دائمة أو منقطعة، وملك اليمين ومحللة البِضع، ومن كان وطؤها لشبهة موضوعية أو حكمية فولدها ولد رشيدة.

وأما الزنية من كان بغير هذه الطرق الخمسة المذكورة بأن كان عن طرق الفجور كالزنا.

3 – وقع الخلاف بين الفقهاء والمتكلمين في إلحاق ولد الزنا بوالديه، والمشهور عدم إلحاقه بوالده شرعًا وإن كان ولده تكوينيًا، وأما إلحاقه بأمه فهو المشهور شهرة عظيمة[2] ، وفي قبال ذلك عدم إلحاقه بأمه ولا أبيه، وعلى أي حال فالمشهور ذهب إلى الحكم بإسلام ولد الزنا إذا كان متولدًا من ابوين مسلمين أو أحدهما مسلمًا وذلك لما دل على تبعية الولد لأشرف الأبوين أو العامودين.

وذهب جمع من الفقهاء لعدم تبعيته لوالديه لا لأمه ولا لأبيه فيحكم بكفره كما عن علم الهدى السيد المرتضى وابن ادريس الحلي (رحمهما الله). مع أن السيد المرتضى (قده) يجري عليه أحكام الإسلام كالطهارة وحلية ذبيحته وجواز النكاح للتسهيل.

وبنظري فإنه تابعٌ لأمه في إسلامها، فإن بلغ معتقدًا بالإسلام فيعامل معاملة المسلم وإلا فلا.

عودٌ على بدء: فهل يقتل ولد الرشيدة بولد الزنية بعد وصفه الإسلام حين تميزه ولو لم يبلغ ؟

الصحيح هو أنه يُقتص منه، وذلك لعمومات القصاص، بعد الحكم على إسلامه. وأما في حال صغره قبل التمييز أو بعده وقبل إسلامه، فقد تردد سيدُنا الماتن (قده) في قتله به وذهب إلى التأمل والإشكال. وربما للإشكال في محكوميته بالإسلام من جهة تابعيته للأبوين لكونه ولد زنا، ومن جهة اُخرى لعدم محكوميته بالكفر.

ألا أن الصحيح هو الإقتصاص أيضًا وذلك تمسكًا بإطلاق قوله تعالى: (النفس بالنفس) ومن الواضح شموله للمقام بعد حكم الأعم الأغلب بطهارة ولد الزنا بل وبإسلامه ولا أقل بعدم الحكم بكفره. والله العالم.

 


[1] - تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص520.
[2] - وقد يقال بالاجماع لولا خروج البعض القليل.