الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/05/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص، القول في الشرائط المعتبرة في القصاص.

مسألة (5): أولاد الذمي القاتل أحرار لا يسترق واحد منهم لقتل والدهم، ولو أسلم الذمي القاتل قبل استرقاقه لم يكن لأولياء المقتول غير قتله[1] .

وقع الخلاف بين الفقهاء في إسترقاق أولاد الذمي القاتل للمسلم، والصحيح ما أثبته سيدنا الماتن (قده) من أنه لا يسترق واحد منهم لقتل والدهم، بل هم أحرارٌ وذلك لعدم الدليل على الإسترقاق فلو حُكِم لقاتل الذمي الإسترقاق فهل يتبعه أولاده بذلك أو، لا؟. وعند الشك بذلك فالأصل في المقام (بقاء الاولاد على الحرية). هذا مضافًا للتمسك بإطلاق الآية الكريمة (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزرَ أُخرَى).

-(قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)[2] .

وأما لو أسلم الذمي القاتل قبل إسترقاقه، لم يكن لأولياء المقتول غير قتله، وذلك :

أولًا: للإجماع.

ثانيًا: تمسكًا بأدلة القصاص العامة.

ثالثًا: لما تقدم في كل من معتبرة عبدالله بن سنان وصحيح ضريس الكناسي في المسائل المتقدمة قبل قليل.

-(محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر (عليه ‌السلام) في نصراني قتل مسلما فلما اخذ أسلم، قال: اقتله به، قيل: وإن لم يسلم، قال: يدفع إلى أولياء المقتول فان شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا عفوا، وإن شاؤوا استرقوا، قيل: وإن كان معه مال قال: دفع إلى أولياء المقتول هو وماله)[3] .

 

مسألة (6): لو قتل الكافر كافرا وأسلم لم يقتل به، بل عليه الدية إن كان المقتول ذا دية[4] .

أما الفقرة الأولى: وهي إشهار إسلام الكافر بعد قتله للكافر فلا يقتل به وذلك لما مرّ في إشتراط المساواة في الدين والقصاص، وتقدم أنه لا يُقتل المسلم بالكافر لما تقدم من الروايات الدالة على ذلك ومن الواضح أن المناط في ترتيب الأثر في الإسلام هو حال القصاص لا حال القتل ولذا يكفي تحقق إسلامِه قبل تنفيذ حكم القصاص عليه.

واما الفقرة الثانية: وهي وجوب دفع الدية على القاتل لأهل المقتول إذا كان المقتول ذا دية فلأجل ما تقدم من صحيحة محمد بن قيس عن مولانا الباقر (عليه السلام):

-(عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه ‌السلام) قال: لا يقاد مسلم بذمي في القتل ولا في الجراحات، ولكن يؤخذ من المسلم جنايته للذمي على قدر دية الذمي ثمانمائة درهم)[5] .

وغيرها مما سيأتي إن شاء الله تعالى حيث تثبت الروايات بعمومها وجوب الدية في المقام بما فيها صورة إسلام الكافر بعد إقدامه على قتل الكافر وعموم الروايات يشمل هذه الصورة أيضًا بإثبات الدية. والله العالم.

 


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص520.
[2] الأنعام/السورة6، الآية164.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج29، ص110، ابواب القصاص في النفس، باب49، ح01، ط آل البيت.
[4] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص520.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج29، ص108، ابواب القصاص في النفس، باب47، ح05، ط آل البيت.