الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/03/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص.

مسألة (24): لو ألقاه في مسبعة كزبية الأسد ونحوه فقتله السباع فهو قتل عمد عليه القود، وكذا لو ألقاه إلى أسد ضار فافترسه إذا لم يمكنه الاعتصام منه بنحو ولو بالفرار، ولو أمكنه ذلك وترك تخاذلا وتعمد لا قود ولا دية، ولو لم يكن الأسد ضاريا فألقاه لا بقصد القتل فاتفق أنه قتله لم يكن من العمد، ولو ألقاه برجاء قتله فقتله فهو عمد عليه القود، ولو جهل حال الأسد فألقاه عنده فقتله فهو عمد إن قصد قتله، بل الظاهر ذلك لو لم يقصده[1] .

ما زال السيد الماتن (قده) في مقام إستعراضه للمصاديق التي تحقق مقتضى القتل التسبيبي والتي ذكرها الفقهاء السابقين وهي كثيرة جدًا كما في هذه المسألة وما تقدم الكلام عنه في المسائل السابقة منها لو ألقاه في موت أو ألقاه في البحر ويوجد فيه الحوت فألتقمه أو ألقاه في منجم فحم مهلك أو ألقاه في حقل كهربائي خطر أو ألقاه في محل فيه حية قتالة أو غير ذلك من الموارد الكثيرة.

وإنما يكون الحكم هو القصاص من القاتل المسبب للقتل مباشرة فيما لو كان قاصدًا لذلك مع ما أتي من الفعل الذي من شأنه أن يقتل من مثله. وأما لو كان المجنى عليه قادرًا على التخلص من الموت ولو بالفرار والمواجهة وغير ذلك ولم يفعل تخاذلًا وتكاسلًا فلا قود ولا دية لكون دمه هدرًا وهذا ما تقدم من خلال المسائل السابقة.

قوله (قده): (لو ألقاه في مسبعة كزبية الأسد ونحوه فقتله السباع فهو قتل عمد عليه القود، وكذا لو ألقاه إلى أسد ضار فافترسه إذا لم يمكنه الاعتصام منه بنحو ولو بالفرار، ولو أمكنه ذلك وترك تخاذلا وتعمد لا قود ولا دية).

أما الشق الأول فعلى الملقي القود لأنه قتل عمديّ وأما الشق الأخير فلا قود ولا دية لأنه أقدم على قتل نفسه بإختياره، فيكون دمُه هدرًا.

ولو لم يكن الأسد ضاريًا فألقاه لا بقصد القتل فأتفق انه قتله لم يكن من العمد لعدم تحقق القصد للقتل بل هو قتل خطأ وعليه الدية لإستناد القتل إليه بوجه من الوجوه وهذا هو الأقوى.

نعم لو ألقاه برجاء قتله فقتله فهو عمد عليه القود وذلك على مقتضى القاعدة في القتل العمدي الذي ملاكه القصد إلى القتل ولو رجاء وكذا الحال فيما لو جهل حال الأسد فألقاه عنده فقتله فهو عمد إن قصد قتله، بل الأقوى ذلك لو لم يكن يقصده لأن الأسد من شأنه أن يقتل إلا إذا كان أسدًا معلمًا مدربًا على عدم قتل الإنسان.

 

مسألة (25): لو ألقاه في أرض مسبعة متكتفا فمع علمه بتردد السباع عنده فهو قتل عمد بلا إشكال، بل هو من العمد مع احتمال ذلك وإلقائه بقصد الافتراس ولو رجاءً، نعم مع علمه أو اطمئنانه بأنه لا يتردد السباع فاتفق ذلك لا يكون من العمد، والظاهر ثبوت الدية[2] .

كل ما ذكر في هذه المسألة هو على مقتضى القاعدة والنصوص المتقدمة، فكل ما يحقق عنوان العمدية للفعل الذي من شأنه أن يقتل مما هو من مثله فهو قتل عمدي يوجب القصاص وما لم يكن بقصد القتل فلا يكون عمدًا وليس عليه القصاص، نعم عليه الدية إن كان القتل مستندًا إليه.

 

مسألة (26): لو ألقاه عند السبع فعضه بما لا يقتل به لكن سرى فمات فهو عمد عليه القود[3] .

وقد تقدم نظير هذه المسألة في مسألة (15) عند الحديث عن السراية كما لو جنى عليه عمدًا فسرت فإن كانت الجناية مما تسري غالبًا فهو عمد، أو قصد بها الموت فسرت فمات فكذلك.

 

مسألة (27): لو أنهشه حية لها سم قاتل بأن أخذها وألقمها شيئا من بدنه فهو قتل عمد عليه القود، وكذا لو طرح عليه حية قاتلة فنهشته فهلك، وكذا لو جمع بينه وبينها في مضيق لا يمكنه الفرار أو جمع بينها وبين من لا يقدر عليه لضعف كمرض أو صغر أو كبر فإن في جميعها وكذا في نظائرها قودا[4] .

وهذه المسألة في جميع صورها محققة لمناط القتل العمدي الذي فيه القود.

 

مسألة (28): لو أغرى به كلبا عقورا قاتلا غالبا فقتله فعليه القود، وكذا لو قصد القتل به ولو لم يكن قاتلا غالبا أو لم يعلم حاله وقصد ولو رجاء القتل فهو عمد[5] .

وهذه أيضًا من المصاديق للقتل التسبيبي العمدي فعليه القود.

 


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص512.
[2] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص513.
[3] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص513.
[4] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص513.
[5] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص513.