الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/03/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص.

مسألة (17): لو قدم إليه طعاما مسموما مع علم الآكل بأن فيه سما قاتلا فأكل متعمدا وعن اختيار فلا قود ولا دية، ولو قال كذبا أن فيه سما غير قاتل وفيه علاج لكذا فأكله فمات فعليه القود، ولو قال فيه سم وأطلق فأكله فلا قود ولا دية[1] .

 

في المسألة صور ثلاث:

الأولى: قدّم إليه طعامًا مسمومًا مع علم الآكل بأن فيه سُما قاتلًا فأكل متعمدًا وعن إختيار وهنا لا قود ولا ديّة وذلك لأن الآكل مما يصدق عليه أنه أقدم على قتل نفسه مع علمه بكون الطعام مسمومًا قاتلًا، فلا يستند القتل إلى المسبب بل الى المباشر والحال أن المباشر بالغًا، عاقلًا، مختارًا.

والثانية: أن يكذب الجاني على المجنى عليه بأن قال له: أن السُم الموجود في الطعام غيرُ قاتل وفيه العلاج فأكله المجنى عليه فمات، وهنا لا إشكال في إسناد القتل إلى المسبِّب بعد أن غرّر بالمباشر وسبّب له الموت فعليه القود.

وأما الصورة الثالثة: بأن قال المسبب للمباشر بأن في الطعام سُمًا، وأطلق بلحاظ كونه قاتلًا أو، لا فأكله وهنا لا شئ على المسبّب لا قود ولا ديّة، وذلك لأن المسبِّب أعلم المباشر بأن فيه سُمًا، ومع ذلك أقدم على أكله فلا يستند الموت إلى المسبب بل إلى المباشر، ولا غرر بالمقام، فكان عليه الحذر لأن المرتكز العرفي والعلمي كون السُم مما يقتل غالبًا. والله العالم.

 

مسألة (18): لو قدم إليه طعاما فيه سم غير قاتل غالبا فإن قصد قتله ولو رجاء فهو عمد لو جهل الآكل، ولو لم يقصد القتل فلا قود[2] .

وذلك لتحقق موضوع القود في الصورة الأولى لكونها مقتضى إطلاقات الأدلة، بخلاف الصورة الثانية فإن مقتضى القود غير موجود، نعم تثبت الديّة لإستناد القتل إليه.

 

مسألة (19): لو قدم إليه المسموم بتخيل أنه مهدور الدم فبان الخلاف لم يكن قتل عمد ولا قود فيه[3] .

أما أنه لا قود فيه وذلك لأن ما فيه القود هو خصوص محقون الدم فلو سمّه بإعتقاد أنه مهدور الدم وتبين خلاف ذلك فلا قصاص قطعًا لعدم موجبه، نعم تثبت الديّة لكونه من قتل الخطأ الذي استند إليه القتل.

 

مسألة (20): لو جعل السم في طعام صاحب المنزل فأكله صاحب المنزل من غير علم به فمات فعليه القود لو كان ذلك بقصد قتل صاحب المنزل، وأما لو جعله بقصد قتل كلب مثلا فأكله صاحب المنزل فلا قود بل الظاهر أنه لا دية أيضا، ولو علم أن صاحب المنزل يأكل منه فالظاهر أن عليه القود[4] .

في المسألة صور ثلاث:

الأولى: فعليه القود لو كان ذلك بقصد قتل صاحب المنزل، فإن ذلك مما يحقق ملاك القود في القتل العمدي.

الثانية: لو جعله بقصد قتل الكلب فأكله صاحب المنزل، فلا قود ههنا لعدم وجود المقتضي للعمدية في القتل، ولصحيحة الحلبي المتقدمة (والخطأ من إعتمد شيئًا فأصاب غيره) وربما يُقال بعدم وجوب الديّة أيضًا لعدم استناد القتل إليه ولو على وجه الخطأ.

الثالثة: لو علم أن صاحب المنزل يأكل منه فالظاهر أن عليه القود وذلك لعلمه الإرتكازي بأن صاحب المنزل يأكل منه فلا يخلو من القصد إلى القتل ولصحيحة أبي العباس:

-(عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي العباس، وزرارة، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: إن العمد أن يتعمده فيقتله بما يقتل مثله، والخطأ أن يتعمده ولا يريد قتله يقتله بما لا يقتل مثله، والخطأ الذي لا شك فيه أن يتعمد شيئا آخر فيصيبه)[5] .


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص511.
[2] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص511.
[3] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص511.
[4] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص511.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج29، ص40، أبواب موجبات الضمان، باب11، ح13، ط آل البيت.