الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/03/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص.

مسألة (15): لو جنى عليه عمدا فسرت فمات فإن كانت الجناية مما تسري غالبا فهو عمد، أو قصد بها الموت فسرت فمات فكذلك، وأما لو كانت مما تسري ولا تقتل غالبا ولو يقصد الجاني القتل ففيه إشكال، بل الأقرب عدم القتل بها وثبوت دية شبه العمد.[1]

 

في المسألة صورٌ ثلاث:

1 – فيما لو كانت الجناية مما تسري غالبًا. ومثالها ما لو ضربه بحديدة على رأسه ففّجه فسرت لأنها هكذا ضربة تسري غالبًا وتقتل.

2 – فيما لو قصد الجاني بجنايته للمجنى عليه الموت فسرت فمات. فيما لو ضربه أو جرح احد أعضاء بدنه وإن لم تكن غالبًا مما تقتل لكنه قصد القتل ومات فعلًا من سراية الجناية.

3 – فيما لو لم تكن الجناية مما تسري ولا مما تقتل غالبًا مع عدم قصد الجاني القتل.

كما لو جرحه جرحًا بسيطًا في قدميه مثلًا فهي غالبًا لا تسري ولا تقتل ولم يقصد الجاني القتل.

أما الصورة الأولى والثانية فهما ممّا لا إشكال في كونهما يحققان الضابطة الكلية لموجب القصاص كما تقدم في اول الكتاب وهي أن القود يكون فيما لو قصد القتل أو أتى بفعل يؤثر في القتل غالبًا كما عليه الإجماع أو نادرًا كما عليه الأقوى مما أخترناه.

وأما الصورة الثالثة، فقد استقرب السيد الماتن (قده) عدم القتل بها، وثبوت دية شبه العمد. وهو الأقوى وذلك لعدم تحقق ضابطة القصاص المتقدمة من العمدية في القصد والفعل.

ذهب المشهور إلى أن السراية في الجناية العمدية مضمونة وإن لم تكن مقصودة فيثبت القصاص إذا سرت الجناية وترتب عليها الموت بل يُقال: صحيح أن كل جناية مضمونة كما ذهب إليه المشهور ولكن الجنايات تقدر بقدرها المقصود دون غيره، وأما الزائد المترتب عليها إتفاقًا فهو إن لم يكن مقصودًا ولا مما يترتب عليها غالبًا فلا يكون عمديًا بل هو شبيه العمد، ويمكن الإستدلال على ذلك برواية ذريح:

-(محمد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن رزين، عن ذريح، قال: سألت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) عن رجل شج رجلا موضحة وشجه آخر دامية في مقام واحد فمات الرجل؟ قال: عليهما الدية في أموالهما نصفين)[2] .

والرواية معتبرة سندًا.

 

مسألة (16): لو قدم له طعاما مسموما بما يقتل مثله غالبا أو قصد قتله به فلو لم يعلم الحال فأكل ومات فعليه القود، ولا أثر لمباشرة المجني عليه، وكذا الحال لو كان المجني عليه غير مميز، سواء خلطه بطعام نفسه وقدم إليه أو أهداه أو خلطه بطعام الأكل[3] .

 

وهذا من نماذج وأمثلة القتل بالتسبيب، والقول ما ذهب إليه السيد الماتن (قده) لشمول الإطلاق، إطلاق الأدلة الدالة على أن القتل العمدي يوجب القصاص مما تقدم فراجع بلا فرق في الموارد المذكورة في المسألة، وهذا مما لا خلاف فيه.

 


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص511.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج29، ص280، أبواب موجبات الضمان، باب42، ح1، ط آل البيت.
[3] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص511.