الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/01/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص.

مسألة (7): لو ضربه بعصا مثلا فلم يقلع عنه حتى مات أو ضربه مكررا ما لا يتحمله مثله بالنسبة إلى بدنه ككونه ضعيفا أو صغيرا أو بالنسبة إلى الضرب الوارد ككون الضارب قويا أو بالنسبة إلى الزمان كفصل البرودة الشديدة مثلا فمات فهو عمد[1] .

 

هذا من موارد الصدق العرفي على العمدية في القتل، بالإضافة إلى موافقة ذلك لمقتضى القاعدة في ذلك. هذا وقد ورد في مضمونه صحيحة أبي الصباح الكناني:

 

-(عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني جميعا، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: سألناه عن رجل ضرب رجلا بعصا فلم يقلع عنه الضرب حتى مات، أيدفع إلى ولي المقتول فيقتله؟ قال: نعم، ولكن لا يترك يعبث به ولكن يجيز عليه بالسيف)[2] .

وهكذا يمكن أن يحمل مرسل يونس على ما أفاد الماتن (قده).

 

-(وعن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال: إن ضرب رجل رجلا بعصا أو بحجر فمات من ضربة واحدة قبل أن يتكلم فهو يشبه العمد فالدية على القاتل، وإن علاه وألح عليه بالعصا أو بالحجارة حتى يقتله فهو عمد يقتل به، وإن ضربه ضربة واحدة فتكلم ثم مكث يوما أو أكثر من يوم فهو شبه العمد)[3] .

 

وهنا لا بد للقاضي النبيه أن يأخذ بوضعية الحالة في الضرب والضارب والمضروب والزمان.

 

مسألة (8): لو ضربه بما لا يوجب القتل فأعقبه مرضا بسببه ومات به فالظاهر أنه مع عدم قصد القتل لا يكون عمدا ولا قود، ومع قصده عليه القود[4] .

هذا التفصيل بين ما لو كان الضارب قاصدًا للقتل ففيه القصاص وبين ما لو لم يقصد القتل تكون فيه الدية مرده لما يحقق العمدية للقتل وعدمه لما تقدم.

 

مسألة (9): لو منعه عن الطعام أو الشراب مدة لا يتحمل لمثله البقاء فهو عمد وإن لم يقصد القتل، وإن كان مدة يتحمل مثله عادة ولا يموت به لكن اتفق الموت أو أعقبه بسببه مرض فمات ففيه التفصيل بين كون القتل مقصودا ولو رجاء أو لا[5] .

 

فالكلام هو الكلام بما تقدم من المسألة السابقة زهز أن كل فعل من شأنه أن يقتل بما هو مثله مع القصد لذلك فهو عمد عرفًا والظاهر إنعقاد الإجماع عليه، مع ما عليه ظاهر ما تقدم من الأخبار. بخلاف ما لو لم يكن قاصدًا للقتل فلا قود بل تثبت فيه الدية.

 

مسألة (10): لو طرحه في النار فعجز عن الخروج حتى مات أو منعه عنه حتى مات قتل به، ولو لم يخرج منها عمدا وتخاذلا فلا قود ولا دية قتل، وعليه دية جناية الالقاء في النار، ولو لم يظهر الحال واحتمل الأمر لا يثبت قود ولا دية[6] .

 

في المسألة وجهان :

1 – تارة يُلقي المجنى عليه في النار مع علمه بعجزه عن الخروج منها إما لضعفه عن ذلك أو لكبر أو لمرض وما شابه فمات بذلك فلا إشكال في هذه الصورة من صدق تعمد القتل بمقتضى فهم العرف وتفسير الأخبار المتقدمة لذلك.

2 – وطورًا يكون المجنى عليه قادرًا على التخلص منها ومع ذلك تخاذل وبقى فيه بملإ إرادته وسوء إختياره وهنا لا إشكال في عدم إسناد الموت إلى الجاني بل من الواضح إسناده إلى المجنى عليه، فلا قصاص ولا دية لعدم الموجب لذلك والله العالم.

 


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص509.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج29، ص36، أبواب القصاص، باب11، ح2، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج29، ص37، أبواب القصاص، باب11، ح5، ط آل البيت.
[4] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص509.
[5] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص510.
[6] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص510.