الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/08/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القول في قسمته ومستحقيه

مسألة (13): لو انتقل إلى شخص مال فيه الخمس ممن لا يعتقد وجوبه كالكفار والمخالفين لم يجب عليه إخراجه كما مر، سواء كان من ربح تجارة أو معدن أو غير ذلك، وسواء كان من المناكح والمساكن والمتاجر أو غيرها، فإن أئمة المسلمين عليهم السلام قد أباحوا ذلك لشيعتهم، كما أباحوا لهم في أزمنة عدم بسط أيديهم تقبل الأراضي الخراجية من يد الجائر والمقاسمة معه، وعطاياه في الجملة، وأخذ الخراج منه، وغير ذلك مما يصل إليهم منه ومن أتباعه، وبالجملة نزلوا الجائر منزلتهم، وأمضوا أفعاله بالنسبة إلى ما يكون محل الابتلاء للشيعة صونا لهم عن الوقوع في الحرام والعسر والحرج[1] .

 

تابع المسألة (13)-

اما المناكح فقد قال الشهيد في حاشية على القواعد للمناكح تفسيران:

الأول: إسقاط الخمس من السراري المغنومة حال الغيبة.

الثاني: إسقاط مهور الزوجات.

ومنهم من قال ان المراد بالمناكح السراري المغنومة من أهل الحرب في حال الغيبة، فإنه يباح لنا شراؤها ووطؤها وان كانت بأجمعها للإمام (عليه‌ السلام)

وربما فسرت بالزوجات والسراري التي يشتريها من كسبه الذي يجب فيه الخمس، فإنه حينئذ لا يجب إخراج خمس الثمن والمهر.

وللمساكن تفسيرات:

الأول: مسكن يغنم من الكفار فيجوز تملكه ولا يجب إخراج الخمس منه.

الثاني: مسكن الأرض المختصة بالإمام (عليه‌ السلام) كرؤوس الجبال.

الثالث: المراد بالمسكن مطلق المنزل وإن كان من غير دين.

وللمتاجر تفسيرات:

الأول: ما يشترى من الغنائم الحربية حال الغيبة، فإنها بأسرها أو بعضها للإمام (عليه‌ السلام) وهي مباح لنا لا بمعنى إسقاط الخمس من مكسبها بل عن أصلها،

الثاني: ما يكتسب من‌ الأرض والأشجار المختصة به (عليه‌ السلام)

الثالث: ما يشترى ممن لا يخرج الخمس استحلالًا أو اعتقادًا لتحريمه، فإنه يباح التصرف فيه وان كان بعضه للإمام (عليه‌ السلام) وذويه.

وقد علل الأئمة (عليهم‌ السلام) ذلك بحل الصلاة والمال وطيب الولادة

كما أباحوا لشيعتهم في أزمنة عدم بسط أيديهم تقبل الأراضي الخراجية من يد الجائر والمقاسمة معه، وعطاياه في الجملة، وأخذ الخراج منه، وغير ذلك مما يصل إليهم من الجائر ومن أتباعه.

وقد تقدم منا أنه مع ثبوت روايات التحليل مطلقًا لكونها – لا أقل البعض منها – تأبى الحمل على بعض المحامل التي ذهب البعض من الفقهاء إليها من قبيل حملها على المناكح (الجارية المغنومة) أو المتاجر (ما يصل المؤمن من اموال من الكافر والمخالف)، وغيرها وذلك لكون روايات التحليل – لا أقل البعض الصحيح منها – واضح منه لسان الشمولية والإطلاق، ولا يقدح ذكر التعليل في البعض منها بأنه (لتطيب ولادتهم ولا تخبث) بل يمكن القول بأن هذا يؤيد التحليل العام لإرتباط الفوائد بذلك فأحلها الإمام (عليه السلام) لكي تطيب الولادة وإلا فالمهر لا يمنع من صحة العقد عند الزواج كما هو واضح.

أو أن هذا الكم من الروايات للتحليل بهذا الحجم من البيان والوضوح وخاصة البعض منها المشتمل على ما هو أعم من المناكح والمتاجر وكيف يقصر النظر فيه إلى خصوص ما يكسبه المؤمن من أموال الكافر والمخالف إذا وصلت إليه ونعلم بتعلق الخمس فيه، مع أنهم يقولون بوجوب الخمس في الفاضل منه آخر العام إذا ربح منهم إذن ما هو المحلّل من ذلك بحسب رأيهم؟.

واما إشكال تعويض بني هاشم (أعزهم المولى) بالخمس بدلاً عن الزكاة فيما لو قلنا بتحليل الخمس، فقد قلنا أن ذلك كان تكريمًا محضًا لهم (أعزهم المولى) لما تحملوه من الحكام الطغاة وما إنتابهم من أهل الجور لقرابتهم من أهل بيت العصمة والطهارة (عليه السلام) فلا ينبغي أن يصابوا في الفقر والعوز والفاقة. بأن نقول بأن زكاة الهاشمي للهاشمي جائزة، والصدقات المندوبة أيضًا جائزة على الأقوى بل المشهور على ذلك وإن خالف البعض منهم احتياطًا.

وأيضًا يجوز لهم أخذ الزكاوات المستحبة غير الواجبة، وغير ذلك فإن ذلك ربما يقال بكفايته لهم وعدم وقوعهم بالمشقة والحرج، هذا كله مع إمكان القول بما لا يخفى بأن مجرد ثبوت الخمس بأصل التشريع لا يتنافى مع التحليل بوجه كما هو ظاهر الأدلة.

وهكذا فإن وجوب اداء الخمس على الإطلاق لا ينافي عدم وجوبه على الشيعة لجواز التخصيص كما لا يخفى فتدبّر.

ولكن مع هذا كله فالأحوط شديداً تعلق الخمس بالغنائم والفوائد وذلك لإمكان حمل روايات التحليل على بعض المحامل التى ذكرناها سابقاً ولموافقة المشهور والله العالم.

 


[1] تحرير الوسيلة، الامام الخميني، ج1، ص367.