الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/07/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القول في قسمته ومستحقيه

مسألة (7): النصف من الخمس الذي للأصناف الثلاثة المتقدمة أمره بيد الحاكم على الأحوط، فلا بد إما من الايصال إليه أو الصرف بإذنه وأمره على الأحوط لو لم يكن الأقوى، كما أن النصف الذي للإمام عليه السلام أمره راجع إلى الحاكم، فلا بد من الايصال إليه حتى يصرفه فيما يكون مصرفه بحسب نظره وفتواه، أو الصرف بإذنه فيما عين له من المصرف، ويشكل دفعه إلى غبر من يقلده إلا إذا كان المصرف عنده هو المصرف عند مقلده كما وكيفا، أو يعمل على طبق نظره[1] .

مسألة 7 - لعله لم يختلف الفقهاء قديمًا وحديثًا في مسألة من المسائل كما في هذه المسألة.

فمن ناحية تقسيم الخمس إلى نصفين وأن الأسهم الثلاثة الأول: الله ورسوله وذوو القربى وأنها لمولانا الأعظم (روحي لروحه الفداء، وعجل الله فرجه الشريف)، حيث دلت الروايات الكثيرة على أن ما كان لله فهو للرسول وما كان للرسول فهو للإمام، ويُعبر عنه بسهم الإمام (عليه السلام).

وذهبوا إلى أن الأسهم الثلاثة الأخرى (أيتام ومساكين وأبناء السبيل) هي لبني هاشم من طرف الأب ويعبّر عنها (سهم السادة (أعزهم المولى )) ولعل منشأ التقسيم المذكور رواية حماد بن عيسى الطويلة:

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن عبد الصالح (عليه ‌السلام) ـ في حديث طويل ـ قال: وله ـ يعني: للإِمام ـ نصف الخمس كملا، ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته، فسهم ليتاماهم وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم، يقسّم بينهم على الكتاب والسنّة ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل عنهم شيء فهو للوالي، فإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به، وإنّما صار عليه أن يموّنهم لأنّ له ما فضل عنهم)[2] .

ومرفوعة أحمد بن محمد:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابنا، رفع الحديث ـ إلى أن قال: ـ فالنصف له ـ يعني: نصف الخمس للإِمام ـ خاصّة، والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمّد الذين لا تحلّ لهم الصدقة ولا الزكاة، عوّضهم الله مكان ذلك بالخمس فهو يعطيهم على قدر كفايتهم، فإن فضل شيء فهو له، وإن نقص عنهم ولم يكفهم أتمّه لهم من عنده، كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان)[3] .

ولا يخفى ما في سندهما من ضعف فأما رواية احمد بن محمد فهي مرسلة ومرفوعة وكذا رواية حماد فهي مرسلة وحماد الذي يذكر فيها التنصيف مع أنه نفسه (قده) يذكر ما يمكن أن يكون مخالفًا للتنصيف المذكور بقوله (ويقسم بينهم على الكتاب والسنة ما يستغنون به في سنتهم فإن فضل عنهم شيء فهو للوالي فإن عجز أو نقص عن إستغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به، وإنما صار عليه أن يمونهم لأن له ما فضل عنهم ). وهذا إذا ضممناه مع غيرها من الروايات التي تصرّح بأن الخمس للإمام (عليه السلام) كرواية محمد بن مسلم:

-(عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) في قول الله عزّ وجلّ: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ) قال: هم قرابة رسول الله (صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله) والخمس لله وللرسول (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) ولنا)[4] .

وصحيحة احمد بن محمد بن ابي نصر:

-(عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه ‌السلام) قال: سُئل عن قول الله عزّ وجلّ: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى)؟ فقيل له: فما كان لله، فلمن هو؟ فقال: لرسول الله (صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله)، وما كان لرسول الله (صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله) فهو للإِمام)[5] .

ومعتبرة محمد بن الفضيل:

-(عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه ‌السلام) قال: سألته عن قول الله :(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول)؟ قال: الخمس لله والرسول وهو لنا)[6] .

وهكذا الحال في مرفوعة أحمد بن محمد (قده).

 

وأوضح الروايات التي تدل على كون الخمس بأجمعه للإمام (عليه السلام) يضعه حيث يشاء ويقسمه كما يرى فيه الصلاح: رواية البزنطي نفسه (قده) صاحب المرفوعة المتقدمة:

-(محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه ‌السلام) قال: سئل عن قول الله عزّ وجلّ: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى) فقيل له: فما كان لله، فلمن هو؟ فقال: لرسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله)، وما كان لرسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) فهو للإِمام، فقيل له: أفرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر وصنف أقلّ، ما يصنع به؟ قال: ذاك إلى الإِمام، أرأيت رسول الله (صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) كيف يصنع أليس إنّما كان يعطي على ما يرى؟ كذلك الإِمام)[7] .

وموثقة البيزنطي:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن أحمد بن الحسن، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عليه ‌السلام) قال: قال له إبراهيم بن أبي البلاد: وجبت عليك زكاة؟ فقال: لا، ولكن نفضّل ونعطي هكذا، وسُئل عن قول الله تعالى)[8]

-(عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن الحكم بن أيمن، عن أبي خالد الكابلي قال: قال: إن رأيت صاحب هذا الأمر يعطي كلّ ما في بيت المال رجلاً واحداً فلا يدخلن في قلبك شيء فإنّه إنّما يعمل بأمر الله)[9] .

ومن ناحية ثانية نجد الإختلاف الشديد في كيفية صرفه ولمن يصرف سواءً منه سهم الإمام (عليه السلام) أو سهم السادة أعزهم المولى.

وقد تزيد آراء الفقهاء في ذلك عن العشرة، وبعضهم فصّل بين السهمين في الصرف والبعض الآخر لم يفرق بينهما في الصرف والكيفية. وسأستعرض الآراء بشكل موجز

 


[1] تحرير الوسيلة، الامام الخميني، ج1، ص366.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص520، ابواب قسمة الخمس، باب3، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص521، ابواب قسمة الخمس، باب3، ح2، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص511، ابواب قسمة الخمس، باب3، ح5، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص512، ابواب قسمة الخمس، باب3، ح6، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص518، ابواب قسمة الخمس، باب3، ح18، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص519، ابواب قسمة الخمس، باب2، ح1، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص519، ابواب قسمة الخمس، باب2، ح2، ط آل البيت.
[9] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص520، ابواب قسمة الخمس، باب2، ح3، ط آل البيت.