الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/07/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القول في قسمته ومستحقيه

مسألة (2): يعتبر الايمان أو ما في حكمه في جميع مستحقي الخمس، ولا يعتبر العدالة على الأصح، والأحوط عدم الدفع إلى المتهتك المتجاهر بالكبائر، بل يقوى عدم الجواز إن كان في الدفع إعانة على الإثم والعدوان وإغراء بالقبيح وفي المنع ردع عنه، والأولى ملاحظة المرجحات في الأفراد[1] .

مسألة 2 - يستدل على إشتراط الإيمان في مستحقي الخمس بالإجماع المدّعى من أكثر من واحد وهو العمدة في المقام بعد النقاش في سند البعض من الروايات الواردة في ذلك بل في جهة دلالة البعض الآخر منها.

ومن الروايات التي استدل البعض بها على المقام رواية يعقوب بن شعيب:

-(عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حمّاد الأنصاري عن أبان بن عثمان، عن يعقوب بن شعيب الحدّاد، عن العبد الصالح (عليه‌ السلام) قال: قلت له: الرجل منا يكون في أرض منقطعة، كيف يصنع بزكاة ماله؟ قال: يضعها في إخوانه وأهل ولايته، قلت: فإن لم يحضره منهم فيها أحد؟ قال: يبعث بها إليهم، قلت: فإن لم يجد من يحملها إليهم؟ قال: يدفعها إلى من لا ينصب، قلت: فغيرهم؟ قال: ما لغيرهم إلاّ الحجر)[2] .

ومنها رواية بريد العجلي:

-(محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة وبكير والفضيل ومحمد بن مسلم وبريد العجلي كلّهم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما‌ السلام) أنّهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء الحرورية والمرجئة والعثمانيّة والقدرية ثمّ يتوب ويعرف هذا الأمر ويحسن رأيه، أيعيد كلّ صلاة صلاّها أو صوم أو زكاة أو حجّ أوليس عليه إعادة شيء من ذلك؟ قال: ليس عليه إعادة شيء من ذلك غير الزكاة، لا بدّ أن يؤدّيها لأنّه وضع الزكاة في غير موضعها وإنّما موضعها أهل الولاية)[3] .

ومنها رواية عمر ابن اذينه:

-(عن ابن اُذينة قال: كتب إليَّ أبو عبد الله (عليه‌ السلام): إنّ كلّ عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو حال نصبه ثمّ منّ الله عليه وعرفه هذا الأمر فإنّه يؤجر عليه ويكتب له إلاّ الزكاة، فإنّه يعيدها لأنّه وضعها في غير موضعها وإنّما موضعها أهل الولاية، وأمّا الصلاة والصوم فليس عليه قضاؤهما)[4] .

وقد ذكرنا سابقًا مسألة بدلية الخمس عن الزكاة ومرجعه إلى أن الفقير المستحق للزكاة إذا لم يكن هاشميًا فهو مستحق للخمس إذا كان كذلك.

ولذلك يستفاد من هاتين الروايتين عدم إستحقاق غير المؤمن للخمس.

وأما قول الماتن (قده): (ولا يعتبر العدالة على الأصح).

فذلك لموافقته للأصل (عدم إعتباره) والتمسك بإطلاق الدليل يكفي في عدم إعتبار العدالة في المقام لعدم ذكرها فيه. هذا بالإضافة إلى أن القول بإشتراطها يلزم منه عدم إعطاء الزكاة إلا لنفر قليل وهذا قد يقال بأنه خلاف التشريع من كونه حث على إعانة الفقراء والمساكين وسد إحتياجاتهم وهذا يلزم تسهيل الطريق إلى ذلك. نعم اللهم إلا أن يكون متجاهرًا بالفسق والفجور كشرب الخمر مثلًا حيث ورد في الخبر عدم جواز دفع الزكاة إليه، ومقتضى البدلية المنع عن الخمس أيضًا ومنه يعلم حال تارك الصلاة الذي هو أسوء من شارب الخمر.

وأما قوله (قده): (بل يقوى عدم الجواز إن كان في الدفع إعانة على الإثم والعدوان وإغراء بالقبيح وفي المنع ردع عنه، والأولى ملاحظة المرجحات في الأفراد).

فهذا واضح لإعتبار حرمة الإعانة على الأثم والعدوان، بل وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وأما ملاحظة المرجحات في الأفراد كما إذا كان من أهل العلم والفضل أو كونه ممّن لا يجد قوت يومه فهو مما لا شك في رجحان التقديم على سواهما. والله العالم.

 


[1] تحرير الوسيلة، الامام الخميني، ج1، ص365.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص223، ابواب المستحقين للزكاة، باب5، ح7، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص216، ابواب المستحقين للزكاة، باب3، ح2، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص217، ابواب المستحقين للزكاة، باب3، ح3، ط آل البيت.