الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/06/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القول في قسمته ومستحقيه

تابع: مسألة (1): يقسم الخمس ستة أسهم: سهم لله تعالى، وسهم للنبي صلى الله عليه وآله، وسهم للإمام عليه السلام، وهذه الثلاثة الآن لصاحب الأمر أرواحنا له الفداء وعجل الله تعالى فرجه، وثلاثة للأيتام والمساكين وأبناء السبيل ممن انتسب بالأب إلى عبد المطلب، فلو انتسب إليه بالأم لم يحل له الخمس، وحلت له الصدقة على الأصح.[1]

ثالثًا: نقول بإسقاط كل رواية مخالفة لكتاب الله حتى مع عدم وجود روايات معارضة لها.

وأما قول سيدنا الماتن (قده): (وثلاثة للأيتام والمساكين وأبناء السبيل ممّن إنتسب بالأب إلى عبد المطلب فلو إنتسب إليه بالأم لم يحل له الخمس وحلت له الصدقة على الأصح). هذا هو المشهور شهرة عظيمة بين الأصحاب كادت أن تكون إجماعًا وخالف بذلك من المتقدمين ما حكي عن السيد المرتضى (قده)[2] ، ومن المتأخرين صاحب الحدائق (قده)[3] . وذلك لأنهم ذكروا أن منشأ النزاع هو أن ولد البنت هل هو ولدٌ حقيقة أو، لا؟

والصحيح هو أن منشأ النزاع ليس كما قيل، بل الفرق واضح بين الكلام في الولدية ومبحث السيادة.

فمما لا خلاف فيه صدق أبناء الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) على الحسن والحسين وأبنائهما المعصومين (عليهم السلام) وغير المعصومين أيضًا، بل لا إشكال في ترتيب آثار أحكام النكاح والمواريث وغيرهما على اولاد البنات، ولكن مسألة الخمس وثبوت السهم الشريف إنما المدار فيه ثبوت الهاشمية عليهم وعدمها وليست الولدية.

وأن للأصناف الثلاثة الأخيرة (أيتام ومساكين وأبناء السبيل) لا بد من إنتسابهم للأب إلى عبد المطلب للإجماع وللروايات الكثيرة الدالة على أن الخمس جعله الله لأقرباء النبي (صلى الله عليه واله وسلم) عوضًا عن الزكاة التي هي أوساخ الناس[4] ، وأن من يستحق الخمس لا يستحق الزكاة كالمساكين مثلًا.

ولذلك نقول أن السيادة تغاير البنوة لكون الأولى أخص من الثانية ولذلك نجد أن النبي والآل (عليهم السلام) حرّموا الزكاة على بني هاشم وأن الله تعالى جعل الخمس عوضًا لهم عن الزكاة إلا أن تكون من مثله.

ومن الروايات الدالة على تحريم الزكاة على بني هاشم رواية عبد الله بن سنان:

-(عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن ابن سنان ـ يعني: عبد الله ـ، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال: لا تحلّ الصدقة لولد العباس ولا لنظرائهم من بني هاشم)[5] .

ومنها موثقة زرارة:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن إبراهيم بن هاشم، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) ـ في حديث ـ قال: إنّه لو كان العدل ما احتاج هاشمي ولا مطّلبي إلى صدقة، إن الله جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم، ثمّ قال: إنّ الرجل إذا لم يجد شيئاً حلّت له الميتة، والصدقة لا تحل لأحد منهم إلاّ أن لا يجد شيئاً ويكون ممّن يحلّ له الميتة)[6] .

هذا بالإضافة إلى أنه لو كان مستحقي الخمس أيضًا ممن ينتسب إلى الهاشمي بالأم ولو طوليًا لما وجدت غير هاشمي إلا قليلًا إذ قلما تجد شخصًا لا ينتسب إلى هاشم بالأم ولو بإحدى جداته الطولية وعليه فلا يكون هناك فريضة للزكاة التي لها موارد كثيرة جدًا إلا لنفر قليل.


[1] - تحرير الوسيلة، الامام الخميني، ج1، ص365.
[2] - رسائل الشريف المرتضى، السيد المرتضى، ج4، ص327.
[3] - الحدائق الناضرة، الشيخ يوسف البحراني، ج12، ص390-394-396.
[4] - فهي أوساخ الناس لأن الله تعالى ذكر أن الزكاة. تطهير، فهي بمنزلة الماء يطهر به الثوب، فالذي يتناثر من الثوب بعد تطهيره يكون وسخاً، فهذا الوسخ الذي حصل بغسل الثوب هو نظير هذه الزكاة التي تطهر الإنسان وماله، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوَٰتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. والخمس حق النبي والآل (صلوات الله وسلامه عليهم) وهو شريك للمكلف بماله وليس له الخيار بان يدفع الافضل او الاردء بخلاف الزكاة فإن المكلف بالخيار ان يدفع ما يشاء من ملكه وطبع البشر قائم على اكتناز الافضل ودفع الاردء والاوسخ فلا يصح ان يكون مثل هذا للنبي (صلوات الله وسلامه عليه واله)
[5] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص269، ابواب المستحقين للزكاة، باب29، ح3، ط آل البيت.
[6] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص276، ابواب المستحقين للزكاة، باب33، ح1، ط آل البيت.