الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/06/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخمس.

مسألة (32): لو تبين المالك بعد إخراج الخمس ضمنه، فعليه غرامته له على الأحوط، ولو علم بعد إخراج الخمس أن الحرام أقل منه لا يسترد الزائد، ولو علم أنه أزيد منه فالأحوط التصدق بالزائد، وإن كان الأقوى عدم وجوبه لو لم يعلم مقدار الزيادة[1] .

مسألة 32 – نقول: في المسألة قولان:

الأول: وجوب الضمان لمالك المال بعد معرفته وذلك لقاعدة الإتلاف ولو بالتصرف فيه على نحو دفعه خمسًا لمستحقه أو لوليه، فإنه تصرف متلف لمال الغير ويجب ردّه إليه بعد التعرف عليه.

الثاني: عدم الضمان.

إن قلت: إن إتلافه للمال إنما كان بإذن الحاكم الشرعي فلا ضمان.

قلت: مجرد إذن الشارع في التصرف لا يوجب سقوط الضمان بل غاية ما ينفعه الإذن الشرعي هو سقوط الإثم عنه بالتصرف ولكن هذا شيء ورفع الحكم الوضعي عنه الثابت بقاعدة الإتلاف شيء آخر، وذلك لكون القاعدة المذكورة أعم من التصرف الجائز والمحرم، ولذا أفتى الأصحاب بضمان من أتلف مال الغير بغير قصد ولا عمد كما لو كان ساهيًا أو نائمًا أو بإعتقاد انه ماله.

وإن قلت: إن موثقة السكوني: -(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال: أتى رجل أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) فقال: إني كسبت مالاً أغمضت في مطالبه حلالاً وحراماً، وقد أردت التوبة ولا أدري الحلال منه والحرام وقد اختلط عليّ، فقال أمير المؤمنين (عليه‌ السلام): تصدّق بخمس مالك فإنّ الله رضي من الأشياء بالخمس وسائر المال لك حلال)[2] .

ظاهرة بل صريحة في حكم الإمام (عليه السلام) بحلية ما يتبقى من مال وأنه له حلال بعد التصدق بخمس المال وعلّل الإمام (عليه السلام) ذلك بأن الله عز وجل رضي عن الأشياء بالخمس.

قلت: بأن الرواية ليست مطلقة من هذه الجهة وذلك لعدم كونها في مقام البيان من هذه الحيثية، وإلا لكان على سيدنا الماتن (قده) أن يفتي بذلك كما فعل سيدُنا اليزدي (قده) في عروته، نعم ربما سيدنا الماتن (قده) إحتاط في المسألة لأجل إمكان إطلاق الرواية في المقام وعلى أي حال فالمسألة في غاية الإشكال، والاوجه ما ذهب إليه سيدنا الماتن (قده) من الإحتياط.

أما بقية متفرعات المسألة من أنه لو علم بعد إخراج الخمس أن الحرام أقل أو أنه أكثر وما هو حكمه، فقد مرّ الكلام في ذلك من جهة الزيادة والنقيصة للحرام عن الخمس، فإن كان الحرام أزيد من الخمس ففيها الصور المتقدمة ولزوم الإحتياط وإن كان أنقص لم يجز له إسترداد الزائد على مقدار الحرام لأن مقتضى إطلاق النصوص أنه لا يرجع ما دفعه بعنوان الخمس مع التفصيل المتقدم في المسألة (28) فراجع.


[1] - تحرير الوسيلة، الامام الخميني، ج1، ص364.
[2] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص506، ابواب ما يجب فيه الخمس، باب10، ح4، ط آل البيت.