الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخمس.

السادس: الأرض التي اشتراها الذمي من مسلم، فإنه يجب على الذمي خمسها، ويؤخذ منه قهرا إن لم يدفعه بالاختيار، ولا فرق بين كونها أرض مزرع أو بستان أو دار أو حمام أو دكان أو خان أو غيرها مع تعلق البيع والشراء بأرضها مستقلا، ولو تعلق بها تبعا بأن كان المبيع الدار والحمام مثلا فالأقوى عدم التعلق بأرضه، وهل يختص وجوب الخمس بما إذا انتقلت إليه بالشراء أو يعم سائر المعاوضات؟ فيه تردد، والأحوط اشتراط أداء مقدار خمس الأرض عليه في عقد المعاوضة لنفوذه في مورد عدم ثبوته، ولا يصح اشتراط سقوطه في مورد ثبوته، فلو اشترط الذمي في ضمن عقد المعاوضة مع المسلم عدم الخمس أو كونه على البائع بطل، نعم لو اشترط عليه أن يعطي مقداره عنه صح، ولو باعها من ذمي آخر أو مسلم لم يسقط عنه الخمس بذلك، كما لا يسقط لو أسلم بعد الشراء، ومصرف هذا الخمس كغيره على الأصح، نعم لا نصاب له، ولا نية حتى على الحاكم لا حين الأخذ ولا حين الدفع على الأصح[1] .

السادس:

نقول: في المسألة أحكام عديدة قد تصل إلى السبعة نفصّلها بالتتالي.

1 – قوله: (الأرض التي اشتراها الذمي من مسلم، فإنه يجب على الذمي خمسها، ويؤخذ منه قهرا إن لم يدفعه بالاختيار، ولا فرق بين كونها أرض مزرع أو بستان أو دار أو حمام أو دكان أو خان أو غيرها مع تعلق البيع والشراء بأرضها مستقلا).

وهذا ما ذهب إليه المشهور شهرة عظيمة وخصوصًا عند المتأخرين ومن القدماء الشيخ (قده) في نهايته[2] ، ومبسوطة[3] . وتبنىّ رأيه أكثر من جاء من بعده خصوصًا أكثر المتأخرين كما عن صاحب الجواهر[4] (قده) بل اُدعي عليه الإجماع كما عن الشيخ في خلافه[5] ، وابن أبي عقيل وغيره من المتقدمين وهكذا الحال عند المعاصرين وجميعهم أثبتوا الخمس في هذا المورد.

والمستند على ذلك ما رواه ابوعبيدة الحذاء:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر (عليه ‌السلام) يقول: أيّما ذمّي اشترى من مسلم أرضاً فإنّ عليه الخمس)[6] .

وما ارسله الشيخ المفيد (قده) في المقنعة عن مولانا الصادق (عليه السلام):

-(محمّد بن محمّد المفيد في (المقنعة) عن الصادق عليه‌السلام قال: الذمّي إذا اشترى من المسلم الأرض فعليه فيها الخمس.)[7] .

وربما يُناقش في ذلك من الإجماع والنص.

بأن يُقال: بقصور السند في ذلك من الروايتين المتقدمين على إفتراض عدم كونهما واحدة، واحتمال التقية، وعدم تعرّض القدماء لهذه المسألة.

ولكن كل ذلك مردود:

أولًا: فالسند معتبرٌ وإن اورد السيد البروجوردي (عليه الرحمة) بأن احمد بن محمد بن عيسى الذي هو الرواي عن الحسن بن محبوب أنه لم يكن يروي عن الحسن بن محبوب لمكان روايته عن أبي حمزة الثمالي الذي أُتفق وفاته في سنة 150 ه كما في رجال الشيخ [8] . مع أن تولد الحسن بن محبوب كان في سنة 224 مع أن مدة حياته كانت خمسًا وسبعين سنة، وعليه فكان تولده قريبًا من وفاته فكيف يمكن أن ينقل عنه بلا واسطة، مع أنه له روايات عنه تبلغ العشرين رواية، ولعله هو السرّ في ترك رواية احمد بن محبوب بن عيسى عن الحسن بن محبوب، لكنه حكي أنه قد رجع عن هذه الرواية، ولعلّ السر في ذلك أنه كانت روايات ابي حمزة الثمالي (قده) التي حكاها الحسن عنه محفوظة، مضبوطة في رسالة مثلًا، فإستجاز ابو(الحسن) نقلها لإبنه.

وأما ثانيًا: فإن مجرد التقية لا يضرّ خصوصًا عن مالك في زمان الصادقين (عليه السلام) وذلك لعدم شيوع مذهب مالك في ذلك الوقت ولم يكن ممّا يُتقى منه.

وأما ثالثًا: فإن عدم تعرّض جميع المتقدمين للمسألة أعم من عدم الوجوب من جهة ومن جهة ثانية فقد تقدم قبل قليل ذهاب الشيخ والمفيد (قده) إلى ذلك.

وأما قوله (قده): ولا فرق بين كونها أرض مزرع أو بستان أو دار أو حمام أو دكان أو خان أو غيرها مع تعلق البيع والشراء بأرضها مستقلًا).

وذلك لعدم الفرق بين المذكورات من جهة التمسك بإطلاق الدليل الذي مقتضاه عموم هذه الموارد مع تعلق البيع والشراء بأرضها مستقلًا، بخلاف ما لو تعلق بها تبعًا، بأن كان المبيع الدار والحمام مثلًا فإنه حينئذٍ عدم التعلق بأرضها وذلك لكون العرف قاضٍ بأن فلانًا قد اشترى داراً أو خانًا مثلًا ولم يشتر أرضًا مضافًا لكون المتبادر من الأرض هي الخالية عن البناء والأشجار، وإن أبيت فلا أقل من عدم الجزم بالإطلاق، ومقتضى الأصل عدمه.


[1] تحرير الوسيلة، الامام الخميني، ج1، ص361.
[2] النهاية، الشيخ الطوسي، ج1، ص197.
[3] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج1، ص237.
[4] جواهر الكلام، الشيخ محمّدحسن النّجفي، ج16، ص65.
[5] الخلاف، الشيخ الطوسي، ج2، ص73، المسألة، 85.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص505، ابواب ما يجب فيه الخمس، باب9، ح1، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص505، ابواب ما يجب فيه الخمس، باب9، ح2، ط آل البيت.
[8] رجال الطوسي، الشيخ الطوسي، ج1، ص110.