الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخمس.

مسألة (14): لو كان عنده أعيان من بستان أو حيوان مثلا ولم يتعلق بها الخمس كما إذا انتقل إليه بالإرث أو تعلق بها لكن أداه فتارة يبقيها للتكسب بعينها، كالأشجار غير المثمرة التي لا ينتفع إلا بخشبها وأغصانها فأبقاها للتكسب بهما، وكالغنم الذكر الذي يبقيه ليكبر ويسمن فيكتسب بلحمه، وأخرى للتكسب بنمائها المنفصل كالأشجار المثمرة التي يكون المقصود الانتفاع بثمرها، وكالأغنام الأنثى التي ينتفع بنتاجها ولبنها وصوفها، وثالثه للتعيش بنمائها وثمرها بأن كان لأكل عياله وأضيافه، أما في الصورة الأولى فيتعلق الخمس بنمائها المتصل فضلا عن المنفصل كالصوف والشعر والوبر، وفي الثانية لا يتعلق بنمائها المتصل، وإنما يتعلق بالمنفصل منه، كما أن في الثالثة يتعلق بما زاد على ما صرفه في معيشته.[1]

مسألة 14- نقول: في المسألة ثلاث صور بعد فرض كون الأعيان لم يجب فيها الخمس كما لو حصل عليه بالوراثة مثلًا أو أنه تعلق به الخمس ولكنه أداه.

1 – فيما لو أبقاها للتكسب بعينها وزادت زيادة متصلة، كما لو انتفع من الأشجار غير المثمرة بخشبها وأغصانها، أو كما لو كان حيوانًا كمأكول اللحم يستفيد من زيادة وزنه مثلًا في بيعه لإرتفاع قيمته.

وهذه الصورة تقدم الكلام عنها في المسألة الثامنة مفصلًا وقلنا بوجوب الخمس بما زاد عن مؤونة السنة وذلك لصدق الربح وإعتبار أنه استبقاها للتكسب والإسترباح والنماء.

2 – فيما لو أبقاها للتكسب بزيادتها المنفصلة كالثمر من الشجر واللبن والصوف من الأنعام، وحيث أنه ربح وقصده من خلال التكسب به فالظاهر ثبوت الخمس فيه أيضًا، وتقدم أيضًا في المسألة الثامنة بعينه.

3 – فيما لو أبقاها ليس للتكسب بل للتعيش بنمائها وثمرها والإستفادة منها في مصرفه أكلًا وشربًا له ولعياله وأضيافه مثلًا ضمن الصرف المعروف دون الإسراف والتبذير.

ففي هذه الصورة لا إشكال في عدم ثبوت الخمس فيها لعدم قصده التكسب والتجارة بها ولكون أصلها مما لا يجب فيه الخمس كما هو المفروض، نعم يجب الخمس في الزائد عمّا صرفه لنفسه وعياله وأضيافه، وذلك لصدق عنوان الأرباح غير المصروفة عليه. والله العالم.

مسألة (15): لو اتجر برأس ماله في السنة في نوع واحد من التجارة فباع واشترى مرارا فخسر في بعضها وربح في بعض آخر يجبر الخسران بالربح، فإذا تساويا فلا ربح، وإذا زاد البرح فقد ربح في تلك الزيادة، وكذا لو اتجر في أنواع مختلفة من الأجناس في مركز واحد مما تعرف الاتجار بها فيه من غير استقلال كل برأسه كما هو المتعارف في كثير من البلاد والتجارات، بل وكذا لو اتجر بالأنواع المختلفة في شعب كثيرة يجمعها مركز واحد، كما لو لتجارة واحدة بحسب الدفتر والجمع والخرج شعب كثيرة مختلفة كل شعبة تختص بنوع تجمعها شعبة مركزية أو مركز واحد بحسب المحاسبات والدخل والخرج، كل ذلك يجبر خسران بعض بربح بعض، نعم لو كان أنواع مختلفة من التجارة ومراكز متعددة غير مربوطة بعضها ببعض بحسب الخرج والدخل والدفتر والحساب فالظاهر عدم جبر نقص بعض بالآخر، بل يمكن أن يقال إن المعيار استقلال التجارات لا اختلاف أنواعها[2] .

مسألة 15- نقول: هذه المسألة بتمامها من الموضوعات العرفية أيضًا، والعرف ربما يكون أعرف بها من الفقيه وتختلف بإختلاف المراكز والمداخيل ورأس المال الواحد أو المتعدّد، وليس فقط من جهة تعدّد أنواع التجارة وأجناسها.

وخلاصة ما يمكن تصوره في المقام هو صورتان:

أحدها: فيما لو اتجر برأس ماله في السنة سواءً في نوع واحد من التجارة في محل واحد، فخسر في بعضها وربح في البعض الآخر، أم كان أنواع مختلفة من الأجناس وسواءً كان في مركز واحدٍ أم كان في مراكز متعدّدة ولكن يجمعها رأسُ مال واحد ودفتر واحد وحساب واحد، حتى ولو كان في أجناس مختلفة – كالرز والقمح من جهة وأدوات المنزل والفرش من جهة ثانية – فطالما يجمعها حسابًا واحدًا وخرجًا واحد ودفترًا واحدًا فإنه والحال يلاحظ حال التاجر من جهة الربح والخسارة بالإضافة إلى المجموع الذي يجمعها الدفتر والحساب الواحد فيجبر الخسران بالربح، وذلك لكون المناط والملاك ملاحظة المجموع، وعدم إستقلال كل جنس أو نوع أو مركز على حدة، وقد يُقال مع تحقق الخسران في هكذا موارد عدم صدق الربح والفائدة إلا بعد الجبران ومن الواضح أنه عند الشك في حصول الربح والفائدة في المفروض فلا يصح التمسك بعموم ما دل على وجوب الخمس،لأنه من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية[3] ، والنتيجة إمكان دعوى عدم صدق الربح مع تلف رأس المال والتشكيك فيه، فيسقط وجوب الخمس من هذه الجهة، لكونه في المفروض أنه بحاجة إلى رأس المال ومع تخميسه يقع في الحرج ولا ينطبق عنوان الربح في المقام.

ثانيها: ما لو إتجر بأنواع مختلفة من التجارة في مراكز متعددة غير مربوطة بعضها ببعض، كما لو جعل التاجر لكل مركزٍ حسابًا مستقلًا وجعل لكل مركزٍ دفترًا ودخلًا وصرفًا على نحو الإستقلال عن الآخر، وفي هذه الصورة يمكن القول بعدم جبران الخسران بالربح، لعدم الإرتباط بين مالية كل مركز، خصوصًا فيما لو كانت المراكز متباعدة عن بعضها في البلدان والمناطق، وهناك إستقلالية كل دفتر وحساب عن الآخر. والله العالم.

 


[1] تحرير الوسيلة، الامام الخميني، ج1، ص358.
[2] تحرير الوسيلة، الامام الخميني، ج1، ص358.
[3] لأنه خلاف ثبوت التخصيص ولا في احدهما بعينه لأنه ترجيح بلا مرجح.