الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/04/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخمس.

مسألة (10): الخمس في هذا القسم بعد إخراج الغرامات والمصارف التي تصرف في تحصيل النماء والربح، وإنما يتعلق بالفاضل من مؤونة السنة ألتي أولها حال الشروع في التكسب فيمن عمله التكسب واستفادة الفوائد تدريجا يوما فيوما مثلا، وفي غيره من حين حصول الربح والفائدة، فالزارع مبدأ سننه حين حصول فائدة الزرع ووصولها بيده، وهو عند تصفية الغلة، ومن كان عنده الأشجار المثمرة مبدأ سنته وقت اقتطاف الثمرة واجتذاذها، نعم لو باع الزرع أو الثمار قبل ذلك يكون مبدأ سنته وقت أخذ ثمن المبيع أو كونه كالموجود بأن يستحصل بالمطالبة[1] .

مسألة 10- الماتن (قده) يتحدث في هذه المسألة عن امرين:

الأول: عن المؤونة المستثناة من الأرباح، والتي لا يجب فيها الخمس.

الثاني: عن بداية الشروع في رأس السنة.

نقول: أما الأول: فإن الأقوى ما ذهب إليه السيد الماتن (قده) من المؤونة المستثناة من الأرباح والتي لا يجب فيها الخمس هي مطلق ما يصرفه المكلف في سنته سواءً كان في صرفه لتحصيل الربح في ما يدفعه من إجارات للدكان أو من يحمل له البضاعة، أو اجرة الحارس والمهندس وغير ذلك وتشمله ضرائب الدولة عن الماء والكهرباء لآلات العمل وما ينتج ربحًا وهكذا فيما يصرفه على ما ينقص من أدوات عمله لتحصيل أرباحه كالمصانع والسيارات وآلات الصناعة والخياطة والزراعة وغير ذلك أم كان في ما يصرفه على نفسه وعياله وهداياه وجوائزه وضيافاته وغير ذلك مما سيأتي في المسائل اللاحقه تفصيلًا عن مؤونة سنته.

وذلك لعدم صدق الربح إلا بعد إستثناء ما صُرف في تحصيله وأيضًا لإطلاق إستثناء المؤونة الواردة في النصوص العديدة منها:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن علي بن مهزيار، عن محمّد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (عليه‌ السلام) أخبرني عن الخمس، أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصناع؟ وكيف ذلك؟ فكتب بخطّه: الخمس بعد المؤونة)[2] .

-(عن أحمد بن محمّد، عن علي بن مهزيار، عن علي بن محمّد بن شجاع النيسابوري، أنّه سأل أبا الحسن الثالث (عليه‌ السلام) عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كرّ ما يُزكّى، فأخذ منه العشر عشرة أكرار وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرّاً وبقي في يده ستّون كرّاً، ما الذي يجب لك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شيء؟ فوقع (عليه‌ السلام): لي منه الخمس ممّا يفضل من مؤونته)[3] .

-(عن علي بن مهزيار قال: قال لي أبو علي ابن راشد، قلت له: أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقّك فأعلمت مواليك بذلك، فقال لي بعضهم: وأيّ شيء حقّه؟ فلم أدر ما اُجيبه؟ فقال: يجب عليهم الخمس، فقلت: ففي أيّ شيء؟ فقال: في أمتعتهم وصنائعهم، قلت: والتاجر عليه والصانع بيده؟ فقال: إذا أمكنهم بعد مؤونتهم)[4] .

إن قلت: إن كل من خبري الأشعري والنيسابوري ضعيفان سندًا والحديث الثالث ما رواه علي بن مهزيار لا يخلو من ضعف في الدلالة من جهة أنه يستفاد منه وجوب الخمس بعد مؤونة الشخص، وأما مكاتبة إبراهيم بن محمد الهمداني.

-(وعنه قال: كتب إليه إبراهيم بن محمّد الهمداني: أقرأني علي كتاب أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضياع أنّه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤونة، وأنّه ليس على من لم يقم ضيعته بمؤونته نصف السدس ولا غير ذلك، فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة مؤونة الضيعة وخراجها لا مؤونة الرجل وعياله. فكتب ـ وقرأه علي بن مهزيار ـ: عليه الخمس بعد مؤونته ومؤونة عياله، وبعد خراج السلطان)[5] .

فناظر إلى إستثناء خصوص خراج السلطان ومن ثم فالتمسك بهذه الأخبار لإستثناء مؤونة تحصيل الربح عل الإطلاق لا يخلو من إشكال.

نقول: إن موضوع وجوب الخمس كما يظهر من الأخبار هو الربح والغنيمة، ومن الواضح أنه لا يصدق الربح إلا بعد مؤونة تحصيله إضافة إلى دعوى الإجماع على ذلك من أكثر من واحد.


[1] تحرير الوسيلة، الامام الخميني، ج1، ص356.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص499، ابواب ما يجب فيه الخمس، باب8، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص500، ابواب ما يجب فيه الخمس، باب8، ح2، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص500، ابواب ما يجب فيه الخمس، باب8، ح3، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص500، ابواب ما يجب فيه الخمس، باب8، ح4، ط آل البيت.